"ليبانون ديبايت" - نهلا ناصر الدين
انتهت مرحلة الانتخابات وتتحضر الكتل الرابحة لمرحلة جديدة لتسمية رئيس الحكومة التي لم تعد محسومة في الشكل والمضمون، لأن ما قبل نتائج الاستحقاق النيابي ليس كما بعده، وتدوير الأحجام الذي حصل في 6 أيار أسقط أساطير وأيقظ بعض الغارقين في نشوة السلطة من أحلامهم. رئيس حكومة بـكتلة من 36 نائباً ليس كرئيس حكومة بـ20، وزعيم بـ21 مقعداً سنياً، لا كزعيم بـ16 مقعداً سنياً.
لا يختلف اثنان على أن حظوظ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بترأس الحكومة المقبلة بات بعد خسارة تيار المستقبل دونه عراقيل، والرئاسة الثالثة التي كان يضعها رئيس التيار الأزرق في جيبه تمرّدت عليه هذه المرة على غرار ما فعل أهالي بيروت.
يكاد يُجمع أهل السياسة على أن الحريري لو أثبت حضوراً أقوى في بيروت وطرابلس وصيدا لكانت مسألة تسميته لرئاسة الحكومة الجديدة محسومة. أما الآن باتت هذه المسألة "معرّضة للنقاش" وما عادت تلقائية كما كان يحدث في السابق. و"هذا لا يعني بالضرورة أن الحريري سيُبعَد أو لن يكون رئيسا للحكومة، ولكن تسميته للرئاسة باتت خاضعة لمساءلة مسبقة"، على حد تعبير المحلل السياسي الياس الزغبي.
وفي رسم المشهد السياسي لتسمية رئيس الحكومة من قبل الكتل النيابية، يلفت الزغبي في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" إلى أنه حتى الساعة يبدو أن التيار الوطني الحر وحده سيصوت لتسمية الحريري بناءً على التسوية العميقة القائمة بين الطرفين، وبالتأكيد تيار المستقبل.
أما حزب القوات اللبنانية الذي عندما سُئل رئيسه سمير جعجع عن مرشحه للحكومة قال "بعد الانتخابات منشوف"، وإلى جانبه الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب اللبنانية يمكن أن تتوافق على الحريري، لكن بناءً لأسس واتفاقات مسبقة أهمها المسألة السيادية، سلاح حزب الله، والنأي بالنفس، والأداء الحكومي في مكافحة الفساد والصفقات المشبوهة.
وفي ما يخص موقف الثنائي الشيعي من تسمية الحريري يقول الزغبي "حزب الله لم يسمه يوما وأتوقّع ألا يسميه". أما في موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري "سيكون هناك حالة ابتزاز سيمارسها بري على الحريري لتسميته وتشكيل الحكومة ويكون حزب الله راضيا عن هذا الدور. وسيعمد بري إلى إخضاع الحريري لشروطه المسبقة، ولمساومة تكون ظاهريا على الحريري وعملياً على التيار العوني والعهد".
ويتوقع الزغبي أن الشروط المفروضة مسبقاً لتسمية الحريري من الطرفين ستضعفه أكثر مما كان ضعيفاً في الحكومة الحالية التي حافظ فيها على نسبة من هامش المناورة.
وفي الحظوظ، لا يزال الحريري صاحب الحظ الأوفر في اللعبة الحكومية، يليه بالدرجة الثانية رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، والنائبان عبد الرحيم مراد أو أسامة سعد في الدرجة الثالثة إذا أراد حزب الله وبري الذهاب بعيداً في التحدي، بعدما صار لديهم نسبة نواب سُنة لا بأس بها (10 نواب).
ومع كل هذا النقاش المتوقّع يتحضر لبنان لمرحلة "صعبة جدا" ويمكن أن يأخذ تشكيل الحكومة "فترة أشهر"، ويرى الزغبي أنه إذا تمت تسمية رئيس الحكومة بأسبوع أو اثنين من المشاورات يمكن أن يذهب التشكيل لأشهر "إلا بشروط يخضع لها الرئيسان الحريري وميشال عون من الجهتين".
يتفق الكاتب والمحلل السياسي غسان جواد مع الزغبي، ويؤكد من جهته في حديث لـ"ليبانون ديبايت" أن الحريري سيكلَف بأكثرية مقبولة لكن بشروط. ويرى أنه "ربما تدل الخطابات التي سمعناها بعد الانتخابات على أن التسوية التي نشأت لانتخاب عون رئيسا للجمهورية وعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة لا تزال قائمة، وستؤدي إلى تكليف الحريري مجددا".
لكن بطبيعة الحال سيكون تكليفاً مشبّعاً بالشروط، وسيكون لفريق 8 آذار "شروط مرتبطة بالعلاقة مع سوريا ومقاربة مختلفة لملف النزوح ولمواضيع كثيرة هي موضع خلاف في البلد". ويضيف جواد "إذا الحريري مىشي بهذه الشروط تكون حكومة ائتلافية، أما إذا كان سيتجاوب مع الضغوط الخارجية ويتطرف بملف النزوح وملف العلاقة مع سوريا ضد مصلحة لبنان على الأرجح لن يستطيع تشكيل الحكومة لا سيما أن هناك خيارات جديدة لدى اللبنانيين من ضمنها شخصيات سنية وازنة وبارزة نجحت بالانتخابات مثل ميقاتي، وبالتالي يمكن أن يتم تشكيل حكومة أكثرية حينها".
ويجزم جواد أن الحريري لا يزال الأول وسيكلَف، لكن لن يستطيع بعد هذه الانتخابات أن يستكمل سلوكه تجاه سوريا بل سيضطر لاستعمال مقاربة مختلفة". ويتوقع أن يسمي كل من بري وجنبلاط الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة، ويربط تشكيل الحكومة بالاستجابة للموضوع السياسي".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News