"ليبانون ديبايت" - رماح الهاشم
هنا بلاد نُقتل فيها لأتفه الأسباب. هنا بلاد نقتل فيها من أجل كوبٍ من القهوة، أو أفضلية مرور، أو مباراة كرة قدم، أو برصاصٍ طائش، فرحاً بنجاحٍ ما، أو بهجةً بإطلالة زعيم. موتٌ، بحوادث سير جراء الإهمال: إهمالُ سائق، أو إهمال الجهات الرسمية. موتٌ بخطأ طبي ولا من يسأل أو يجيب.
بتنا فعلاً نعيش في دولة "فالتة". فلا يكاد يمر يوم، إلا ونسمع فيه أنباء عن وقوع جريمة أو أكثر، في مسلسل عنف وإجرام متنقل لا يستثني أحداً. ولم يعد الحديث عن انتحار شخص او مقتل آخر خطأ او عمدا بالأمر المستغرب في لبنان. هنا بلاد أصبحت لا تصلح سوى للعنف، للكراهية، وللحقد. اي حقد واي كراهية، لا يهم.
ولعل الاكثر خطورة في الامر هو امتداد الاجرام ليطاول أبناء البيت الواحد. فهذا قتل زوجته أو ابنته، وذاك قتل شقيقه أو صهره أو ابنه، وهكذا دواليك. وما يفوق تلك الجرائم بشاعة هي الأسباب والدوافع، التي غالبا ما يكون ظاهرها سخيفاً، وباطنها يعود أحيانا إلى الأزمة الاقتصادية والضغوط الاجتماعية، بحسب تحليل بعض خبراء الاجتماع.
فالأرقام المدونة في سجلات القوى الامنية "مرعبة"، إذ أشارت آخر الإحصاءات إلى أنه منذ بداية شهر تموز الحالي قتل ما يقارب 62 شخصاً بجرائم فردية، أي بمعدل جريمتان يوميا، بين قتل متعمد أو غرق، في حين سجل حدوث 37 حالة انتحار، القليل منها باءت بالفشل.
وتبقى لغة الارقام هي الاخطر، خصوصا في ظل ما يتردد عن تسجيل عدد كبير من حالات الانتحار هذا الشهر، فضلا عن تسجيل عشرات حالات الاعتداء عمدا عن طريق استخدام آلات حادة، اضافة الى استخدام هذه الآلات في إشكالات فردية على نحو غير مسبوق، إذ تشير التقارير الى سقوط العشرات بعد تعرضهم للضرب أو الاعتداء بآلات حادة.
وفي الغوص بالأسباب، تبدو الاجابات متفاوتة بين من يردها إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لدى شريحة كبيرة تشعر باليأس وتخاف من مستقبل مجهول، وبين من يضعها في إطار تفشي ظاهرة الادمان على المخدرات، خصوصا أن نسب البطالة تجاوزت أخيراً الخطوط الحمر. ومنهم من يصوّب سهام انتقاداته الى الدولة والسياسيين والأحزاب والتيارات الذين ساهموا مجتمعين بفعل خلافاتهم وصراعهم على السلطة والنفوذ وتحقيق المكاسب الى زيادة حالات الاحباط التي دفعت المئات الى سلوك طريق الهجرة غير الشرعية.
فماذا حل بنا حتى بات القتل "صنعة" سهلة لدينا، وبات السلاح هو اللغة السائدة، وأصبح التعامل معه أسهل من "شربة الماء"، واستعماله لـ"فشة الخلق"؟
في السياق، اعتبر أحد علماء الاجتماع أن "الشعب اللبناني في وضع لا يحسد عليه، فلا متنفس لديه وغير مرتاح نفسيا، ولا ماديا، ويعاني من ضغوط اقتصادية صعبة. وجميع هذه الامور تؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على تصرفات الانسان، ما خلق لديه قلقاً وخوفاً كبيرين، ولم يعد قادراً على تحمل الآخر، وهذا ما يدفعه إلى استعمال الطرق العدوانية".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News