"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
الثابت حتى الآن حكوميًا، أنّ التشكيلة المُقترَحة إستقرَّت على نسخةٍ من عيارِ 18 قيراط نزولًا عند رغبةِ رئيسِ الحكومة المُكَلَّف حسّان دياب، لكن ما هو غير ثابتٍ، تقلّب المعنيّون عليها وسط عودة خياراتهم صوب إجراء عملية تنقيحٍ على هيكلية الحكومة ما سينزع عنها حكمًا صفة التكنوقراط ويستعيد نسخة التكنوسياسية من جديد.
من الواضحِ، أنّ ما يجري في الإقليمِ أخذَ يطبع تدريجيًّا المسألة اللبنانية وبالأخصّ تشكيل الحكومة. ومع مرور الأيّام وعدم ظهور "بوادرِ خيرٍ" في هذا الملف وبقاء التشكيلة أسيرة التقلبات السياسية وغير السياسية، تتقلّص إحتمالات ولادتها كما كان يُخطَّط، وكلما أُزيلت ورقة من رزنامة الأيّام واقتربَ الرئيس المُكَلَّف من نفاذِ مهلة 4 إلى 6 أسابيع التي خصصها لإتمام التأليف، تصاب هيكلية التشكيلة وتفتح الباب أمام تعرضها لهبّاتٍ ساخنة من شأنها إزالة صفةِ التكنوقراط عنها والمضي قدمًا صوب نسخة "ذات نكهة سياسية".
وفي الحقيقة، هذا ما أفصحَ عنه موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقاء الأربعاء النيابي ودعوته إلى تشكيل حكومة "لمّ شمل وطني" جامعة تقدِّم مصلحة لبنان وكلّ اللبنانيين"، جاعلًا من استدعاءاتِ المرحلة سببًا في ما أسمته المصادر "لمّ شمل حكومي بين مختلفِ القوى"، متخوفة من "تأثيراتٍ سلبيةٍ للإقليم على الوضعِ اللبناني الهشّ لها القدرة على نقله من ضفّةٍ إلى اخرى".
إستدعاءٌ من هذا النوع، رُبِطَ، على أنّه شكلٌ من أشكال تبديل المواقفِ بين القبول بحكومةٍ من التكنوقراطِ الذين يتوزّعون بين اختصاصيين ومستقلين منزوعي صفة التأثير السياسي لدى معظمهم، وإن وُجِدَت فهي محصورة لدى فريق لا يتعدّى حضورهم ضمن التشكيلة المقترحة بأكثرِ من 25%، وبين الدعوة إلى رفعِ الحضور السياسي داخل التركيبة إلى حدودٍ تلامس الـ 60% من نسبةِ الموجودين.
أول إشارة إلى هذا الأمر، دلّ عليها "فتح الأجواء" أمام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل لتأمين حضورٍ سياسيٍّ في وزارة الخارجية ومنع إخراجها من دائرة تأثيرات فريق الثامن من آذار، فكان أن تشدَّدَ أكثر أمام المطالبة بهذه الحقيبة، ما دفعَ رئيس الحكومة المُكَلَّف إلى التراجعِ أمام رئيسِ الجمهورية وترك الحقيبة إلى باسيل بعدما لاحظَ وجود تأثيراتٍ واضحةٍ لحزب الله صاحب المصلحة في "تأميمِ الحقيبةِ".
الإشارة الثانية، جاءَت عَقِبَ خروجِ الحزب عن التزامهِ لناحية تقديم اللائحة النهائية بأسماءِ وزرائهِ إلى الرئيس حسّان دياب، الأمر الذي كان مفترض حصوله يوم الإثنين الماضي. وقالت مصادر "ليبانون ديبايت"، أنّه "لم يحصل ما دفع بحركةِ أمل إلى تجميدِ تقديمِ لائحتها على إعتبار أنّها ملتزمة مدرجات الإتفاق مع حزب الله".
ومع أنّ هذا الأمر، أثار استياء دياب، لكنه، تفهّمَ موقف الحزب ذات التأثير الشديد بالإقليم. في المقابل، لفحت المتغيرات ساحة "أمل" التي باشرت بقراءةٍ جديدةٍ على صعيدِ الأسماءِ وسط تلميحاتٍ الى سحبِ بعضها وإستبدال آخرين.
الأمر ذاته، ينسحب على حزب الله، إذ يُنقَل عن المصادر المواكبة، أنّه في صددِ إدخال تعديلاتٍ على جيناتِ ممثليه، ما يعني، أنّه غادرَ خانة تسمية اختصاصيين "موثوقين" من خارجِ الصفات الحزبية مقابل تسمية أشخاصٍ من حملة التأثيرات السياسية من غير أن يكونوا من الحزبيين المباشرين.
بهذا المعنى، دشّن بري طلبات العودة إلى حكومة تكنوسياسية لكن بنسخةٍ متجدّدةٍ تأخذ بعين الإعتبار توزيعًا جديدًا يضمّ "الزعلانين" بعدما شرع بري في محاولة استقطابهم تحت عباءة "الوحدة الوطنية والمخاطر على سلامة لبنان".
وفيما يبدو، أنّ حزب الله يكاد يكون إنكفئ عن مشروع التأليفِ أو أخرجَ يدَيْه من "مؤقتاً" ملتزمًا بدرجةٍ أكبر مراقبة ما يجري في الإقليم، إذ تقول الأوساط المواكبة لإتصالاتِ التأليفِ، أنّه أوكلَ مهام التفاوض بمعظمها إلى "سيّد عين التينة" الذي أخذَ يقرأ في الإقليم ويسقط طبائعه على الملفِ الحكومي ما يعني أنّ "الثنائي الشيعي" عاد ليحتكِم في مواقفه على صعيدِ هذا الملف إلى تأثيراتِ العوامل الخارجية.
في المقابل، تفصِحُ مصادرُ أكثريّة فريق الثامن من آذار، عن حقيقةٍ مُتَمثلةٍ في "تأميمِ" الحقائبِ السيادية وتلك المرتبطة بالأزمةِ اللبنانية وجعلها تدور في فلكِ الفريق السياسي الذي يمثله، ما يفسّر سبب التزام هذا الفريق تولي مهام وزارات: الخارجية، الدفاع، المالية وشؤون النازحين التي دُمِجَت مع وزارَتَيْ البيئة والشؤون الاجتماعية.
على الأرجح، أنّ العواملَ في الإقليمِ تدفع فريق الأكثرية إلى إبقاءِ حقيبةِ الخارجية في عهدتهِ، وبما أنّ الأمور ذات منحى عسكري فلا بدّ من ضمِّ الدفاع ايضاً. وبالنظر إلى الأزمة الاقتصادية - المالية والمخاطر المتأتية عن "التدويل" يصبح من غير السهل التخلي عن وزارة المال من قبل "الثنائي الشيعي"، والاهتمام نفسه ينطبق على وزارة شؤون النازحين التي سيكون لها شأنًا في مُقبلِ الأيام يرتبط بالصفقاتِ التي تُحاك في الإقليم.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News