المحلية

الخميس 09 نيسان 2020 - 04:00

دياب يتوغل في مصرف لبنان

دياب يتوغل في مصرف لبنان

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

في المبدأ، قرَّرَ حسّان دياب الخوض في المصالح العميقة في الإدارة، على وجهِ التحديدِ تلك الخاضعة لمعايير الإتفاق بما يتجاوز المجال الجوي اللبناني. ربما من حيث يدري أو لا يدري، يقدم رئيس الحكومة على "حركشة" في وكرٍ تتنازعه مجموعة دبابير مختلفة الحجم، لذا يجدر به التوقع من أين ستأتيه "العقصة" الأولى.

منذ أن وطأت أقدام دياب أرض "السرايا" طُلِبَ إلى فريق عمله إعداد "رسمٍ بيانيٍّ" حول انتشار "فيروس التعيينات" في الإدارة والرجوع إليه بـ"خريطةٍ تفصيليةٍ" لإجراءِ المُقتضى.

لاحقًا، بعدما إنتهت "الورشة" أخضع "الدراسة" إلى البحث والتدقيق ليعثر في "عصارة" الأوراق على أكثر من "محميةٍ" يتوزع فيها الأزلام على المواقع الكبيرة، فعقد العزم على التشمير عن ساعديه.

أمرٌ من قبيل "تأميم" وظائف الإدارة وإعادتها إلى الدولة فعلًا، لا يحتاج فقط إلى ساعدين مكشوفين بل أنياب حادة، يبدو أن رئيس الحكومة وصل إلى قناعةٍ تامة أن التغيير يحتاج إلى خلق ظروف معركة، فأشهرَ سيف الحرب من بوابةِ المصرف المركزي.

ثمة من يقول أن رئيس الحكومة حريصٌ على القطاع المصرفي رغم كل الأخطاء التي "تورَّطَ" الأخير بها لبنان، لكن هناك حدودٌ لحرصه، ذلك أنه لن يسمح للمصارف في التمادي بتجاوز وجود الدولة أو فرض معاييره سواء عليها أو على المدعوين. في الوقت نفسه له مصلحة في "تسكير" حنفية المحسوبيات "المفتوحة على وسعها" في هذا القطاع.

حين حلّ زمن التعيينات، رأى دياب أن لا مجال إلّا للخوضِ في القضائية والمالية "المنخورة". الأولى علقت في دهاليز السياسة وما زالت تتناتشها صراعات المرجعيتين الوزارية والقضائية والثانية "فلتانة" ومفتوحة على شهية السياسيين الذين تولوا تحويلها من هيئةٍ ذات نظرة مصرفية محض إلى أخرى ذات ميول طائفية لا تقيم الولاء إلا للفريق السياسي الذي أتى بها.

لا ريب في أن دياب عثر على مقوماتٍ تؤدي الغرض من توغله داخل البنية المصرفية و"حيث لا يجرؤ الآخرون". بالنسبة إليه وفي مثل الوضع الذي يرزح اسفله لبنان، فـ 4 نواب "مساعدين" لحاكم المصرف المركزي أمرٌ فيه من المغالاة ما فيه ويندرج تحت خانة التنفيعات السياسية ليس إلّا، لعمله اليقين أن هؤلاء المساعدين وبصرف النظر عن مدى الحاجة إليهم من عدمه، غير مخولين التحرك إلا بتوكيلٍ صادر عن الحاكم يحصر فيه مهام كل منهم وإذا لم يصدر يظلّ النائب معلقًا.

على هذا النحو، كان لا بد لـ"دياب" من إجراءِ "هندسةٍ" إنتظرها مقّر الحاكيمة لوقتٍ طويل. للمفارقات أن "تطيير" التعيينات المالية الأخيرة بإشهار الخلاف على طاولة مجلس الوزراء أتى بالفائدة على رئيس الحكومة الذي كان يرزح تحت وابل من الضغوطات ذات المصادر السياسية التي كانت تريد تسيير شأن التعيينات وفق النهج القديم، أي محاصصات وتنفيعات سياسية وطائفية، والآن مع فقدان القدرة على إبرام تلك "المحاصصة" بدأ يجد نفسه محرّرًا من الثقل ما أتاح له الخوض في مسألة تقليل عددِ النواب.

القاعدة الاولى كانت لدى دياب أنّ مقرَّ الحاكمية ليس بحاجةٍ إلى 4 نواب، ثم أن وفي وضعنا المالي الراهن لا بد للخيارات أن تنحصرَ في تخفيفِ التعيينات وعصر النفقات وتأمين وفرٍ ماليٍّ، لذا إنطلق من قاعدة "تقليص نواب الحاكم" ضمن خيار تقوم المفاضلة فيه على نائبٍ واحدٍ وبأقصى الحدود نائبين لا غير.

لكن ثمة معوقات عدة قد تحول دون تحقيق ذلك، منها ما هو داخليٌّ ويرتبط بأصحاب المصالح من السياسيين، ومنها ما هو خارجيٌّ ويتصل بمحاولة بعض الدول ومنها الولايات المتحدة تأمين مصالحها من خلال بعض النواب الذين تحولوا إلى ما يشبه "الودائع الثابتة" لديه.

دياب وكما يُنقَل، على أتمِّ الاطلاع بأنّ أمرًا من هذا القبيل مرشحٌ للاصطدام بعوائقٍ عدة منها التوزيع الطائفي لنواب الحاكم ذلك أنّ تخفيضَ العدد يتطلب مواجهة "غير ناعمةٍ" بينه وبين القوى السياسية الراعية لمصالحها في المصرف، وهو لأجل ذلك يسعى لتعديل قانون النقد والتسليف لتعيين نائبٍ واحدٍ.

ليس سرًّا أن "هجمة دياب المرتدة" تثير قلق "الأميركي" الساعي إلى تثبيت السيد محمد بعاصيري في موقعِ النائب الثالث، لكن لا ضيرَ لديه في إجراء "مقاصةٍ" شرط أن تتوفَّرَ فيها شروط حفظِ الموقعِ لبعاصيري!

هنا على الأرجح ندخل في دوامةٍ أخرى ربما لا يلتفت إليها دياب، ففي حال ثبت الرقم على نائبٍ واحدٍ، ماذا ستكون طائفة هذا النائب؟ هل سُنّية الآن نزولًا عند مراعاة مصالح الأميركي ورغبته بالبعاصيري، أم تندرج تحت خانة "طائفةٍ جوالة" بمعنى المداورة في الموقع بين الطوائف على أن لا تتعدى الولاية الأربع سنواتٍ غير قابلةٍ للتجديدِ؟

لا ريبَ أنّ الموضوع شائكٌ ومعقدٌ خاصة في ظلّ التداخل في مسألة المصرف بين ما هو محليٌّ وما هو دوليٌّ، وتنافر مصالحهم بين ما يراه هذا الطرف أو ذلك، وعلى الأرجح أن المواجهة في عمق المصرف المركزي ستطول وقد تغدو معها إمكانية التعيينات المالية سرابًا في حال بقيَ دياب على رأيه إجراء "عملية جراحية" في مصرف لبنان.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة