المحلية

الأربعاء 17 حزيران 2020 - 04:00

واشنطن تَبتز اليرزة بـ"قيصر"

 واشنطن تَبتزُّ اليرزة بـ"قيصر"

"ليبانون ديبايت" - عبدلله قمح

"المحدلة" المُسماة "قانون قيصر" تبدو زاحفة صوب الدول التي تشترك بحدودها سواء جغرافياً أم سياسياً مع سوريا، وعلى الأغلب أن من يقود "المحدلة" يخيِّر الواقفين أمامها بين أمرَين: إمّا الإنصياع أو السحق... في وضعنا اللبناني الحالي، لا هذه مفهومة ولا تلك مقبولة!

غالباً، يُقال ضمن الدوائر المغلقة أن "قيصر"، هذا الذي نهدّد به، ما هو إلّا عبارة عن ما نسبته 80% حرب نفسية إعلامية و20% أخرى تتوزع بين إجراءات جدية وسقف مرتفع من العقوبات، لكنها على الأعم الأغلب، لن تكون بثقل ما أبرم من وثائق عقابية سابقاً وبالتالي هي آخر العنقود، أقلّه هكذا يُقال.

لبنانياً وعلى المستوى الرسمي، لم يَرد بعد حتّى تاريخه أي ملخص واضح حول القانون الأميركي الجديد يُسهم في مدّ المهتمين به بجرعات تكفي لفهمه، وهذا يأتي من جراء عدم تبليغ بيروت رسمياً بنود القرار من جهة المالك لحق التشريع. عدا عن ذلك، كان اللبنانيون سباقون إلى محاولة فهم بنود القانون الجديد من خلال سحبه من الإنترنت وتوزيعه برضى الجهة الواقفة عند حسن التنفيذ.

الجيش اللبناني لا يُعد خارج هذا الجو. المعلومات تؤكد أن "اليرزة" لم تتبلغ رسمياً بعد بنود القانون الأميركي من وزارة الخارجية اللبنانية، وعلى الأغلب أن إطلاع الضباط عليه جاء فردياً وتحت سقف البحث عن المعلومة أو "الحشرية".

رغم ذلك، ما تبلغته القيادة العسكرية في اليرزة سواء عبر الإعلام او من خلال قنوات غير رسمية، يشير إلى أن القانون قد يطالها في بعض مندرجاته بحكم وجود علاقة تجمعه مع الجيش السوري، كسائر من هم متورطون في علاقات مع دمشق. ثم أن العاصفة أخذت تشتد في واشنطن مع قرب دخول "قيصر" مرحلة التنفيذ وسط تلميحات بأن الجيش اللبناني لن يكون بمنأى عن "الغضب الأميركي".

في الحقيقة، تمارس الإدارة الاميركية سياسة الابتزاز بحق الجيش اللبناني منذ مدّة ولو أنها تدرجه على قائمة الحلفاء. صحيح أنها تمده بدعم مالي يقدر بملايين الدولارات سنوياً (يبقى عرضة للتمنين الدائم) لكن لهذا الدعم شروط، في الغالب لا يُطبقها الجيش، وهنا بيت القصيد!

طبعاً، الجيش غير ملزم بـ "بصم" الشروط الاميركية كما تَرد بل ما تمليه عليه المصالح الوطنية. في الوقت نفسه، واشنطن لا فرق لديها بين حليف أو خصم،كلاهما يخضعان لسياسة الابتزاز!

واشنطن تعي ذلك، أقله دائرة سياسية رئيسية لديها، يمثلها الحزب الجمهوري في الكونغرس وغيره طبعاً. هؤلاء، بدأوا منذ مدة محاولات لسحب الجيش اللبناني إلى خانة العقوبات، إلى حدود معينة ربما هي أقرب إلى الابتزاز. مأخذهم على المؤسسة العسكرية اللبنانية انها لا تلبي طموحات السياسات الاميركية. هذه شهادة للجيش على نحوٍ يكفل بدحض كل الاتهامات التي تساق بحقه، لذا ما النفع في تجيير أموال دافعي الضرائب الاميركيين ما دام انه لا يلبي الطموحات الاميركية و"يُنسق مع حزب الله" التهمة الأميركية الجاهزة للإسقاط على أيٍ كان؟ هكذا يتردد في واشنطن.

مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية الذي يُعد مصدراً لطروحات المشرّع الاميركي ما غادرَ فكرة أن الجيش اللبناني "يتواطئ" مع حزب الله. ذكر هذه العبارة أكثر من مرة في مستهل تقاريره حول الوضع في لبنان. عبارة تعنيه وحده، فحزب الله بصفته المقاومة جزء من شريحة لبنانية، هل يعقل أن يتجاهلها الجيش ويمشي؟ بالطبع لا.

قانون قيصر يندرج ضمن الاطار "التهويلي" ذاته على الجيش إذاً. صحيح أن مندرجاته لا تطال المؤسسة العسكرية على نحوٍ واضح، لكن في المقابل، لا يمكن اغفال أن "الادارة الاميركية" لديها مصلحة في استغلال القانون بما يسمح لها في إدخال تعديلات على سلوكيات الجيش، واكثر ما يهمها انصياعه ضمن التركيبة التي يجري إعدادها للمنطقة.

عملياً، ومنذ تاريخ الإنسحاب السوري من لبنان عام 2005، لم تعد ترتبط المؤسسة العسكرية اللبنانية بأي علاقات "موسّعة" مع نظيرها الجيش السوري. مُذ ذاك، تحوّلت العلاقة إلى إطار تنسيقي محصور ضمن مكتب أنشأ لهذا الغرض حمل إسم "مكتب التعاون والتنسيق"، يضم ضباطاً من الجانبين، وفيه تجري عمليات تبادل وجهات النظر وضرورات التنسيق ضمن قضايا آنية كمسألة التهريب غير الشرعي عند الحدود بين البلدين.

إذاً وعلى رأي أكثر من مصدر، أن العلاقة اللبنانية السورية على مستوى الجيشين محصورة عبر مكتب "التعاون والتنسيق"، الذي يقوم أيضاً بأمور أخرى كمتابعة الاجراءات والمعاملات العالقة بين البلدين، بما في ذلك أوضاع العسكريين اللبنانيين القاطنين داخل سوريا وبالعكس.

الدورات القتالية المشتركة وتبادل الخبرات العسكرية والرعاية والمساهمة في التزوّد بالاسلحة أو مدّ الجيش اللبناني بأسلحة موجودة في المخازن السورية كلها أصبحت من الماضي، بقيَ التنسيق الأمني ضرورياً وخارج حدود أي علاقة، كما هو حال واشنطن التي تنسق مع أجهزة الأمن السورية من تحت الطاولة حول ملفات الإرهاب، هذا فيه شيء من ضرورات التنسيق بين الدول. الحال نفسه في لبنان، شرط أن يبقى ضمن حدود اللجنة فيما يرتبط بضرورات التنسيق وتبادل المعلومات.

أبعد من ذلك، لدى لبنان إرتباط وثيق بمذكرات تفاهم وإتفاقيات سياسية وتجارية موقعة بين البلدين كإتفاقات دولية. نظرياً لا قدرة للبنان على إلغائها من طرف واحد، ذلك أن مثل تلك الاتفاقيات تنطبق عليها مندرجات القانون الدولي. ما يعنيه ذلك أن أي إلغاء بحاجة إلى توافر نوايا لبنانية - سورية مشتركة ويتم ذلك من خلال لجان وتفاهمات لا عبر إستثمار الحقل بقانون أجنبي غريب.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة