"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
رسمياً، كل المساعي والمبادرات التي اشتغلت على خط "تصحيح" العلاقة بين قصر بعبدا وبيت الوسط، إما جمّدت أو أنها باءت بالفشل. الآن، يستعدّ الجميع للدخول في مرحلة من الاستعصاء الشديد منزوع الضوابط وبقواعد اشتباك مفتوحة، دون اتضاح صورة ما إذا كان ذلك يأتي في إطار الفعل المؤقت أم انه سيدوم لفترة غير قصيرة!
غياب الوضوح عن المشهد "التصالحي" انعكسَ ضبابيةً على الوضع الحكومي بكافة تفاصيله بل وطغى عليه، والانفراجات التي ذهب الحديث عنها إلى أقصاه عند بلوغ موعد تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني، طارت وتم تجاوزها، ما يثبت نظرية كل من عين التينة والضاحية من أن أسباب التشدد والتخريب ذات الصلة بالملف الحكومي نابعة من خلفيات لبنانية بحتة ولا تعد الخارجية إن وجدت سبباً مباشراً لها.
ومع ركود خيارات الانفراج والاستعداد نحو تدشين حلقة جديدة من المواجهة، يبدو من خلال التسريبات المتداولة، أنها ذات ذيول طائفية ومذهبية وضعت كي تحمي إطاراً سياسياً مفترضاً، يمكن القول عندها ان ما يحيط بالملف الحكومي يشي بطيّه في الوقت الراهن إنتظاراً لبلورة صورة التحالفات الداخلية!
هذه النتائج لا بدّ أن يكون لها تبعات سلبية على مجمل الوضع السياسي العام، وعلى ما يبدو، نحن ذاهبون باتجاه بلورة تفاهمات داخلية واسعة بين أكثر من قطب، بدأت تتولد على نية مواجهة العهد خلال الفترة المقبلة، وتتخذ من عملية "مواجهة التوريث" عنواناً لها، رغم أن "القصر" ما برح ينفي أن يكون في دائرة توفير ظروف مؤاتية لوصول النائب جبران باسيل إلى سدة الرئاسة الأولى.
لكن المياه تكذّب الغطاس عادةً. هناك طرف داخلي يتحدث عن امتلاكه معلومات مؤكدة حول تدخلات يقوم بها باسيل في ما له صلة بعملية تأليف الحكومة، ويذهب هذا الطرف في كلامه إلى حد الاستعداد لإيداع تلك المعطيات لدى جهات خارجية "تحديداً فرنسية" للاطلاع على مضمون ما يحصل والجهات المسؤولة عن التعطيل، ولاتخاذ ما يلزم!! وإن صح ذلك، فإن الخطوة لا يمكن وضعها إلا إطار "الوشاية" التي تقوم بها جهات داخلية منذ مدة إلى أطراف خارجية، تستخدمها هذه في إطار جني مكاسب سياسية لها.
بالتوازي مع ذلك، تبلغ الاستعدادات مداها لانتاج "إطار تنسيقي معارض للعهد" كما يحب ان يسميه تيار المستقبل الذي ما زال رافضاً لفكرة إنشاء "جبهة سياسية موحدة" لطبيعة أن الاطراف المقترح ضمّهم إليها لا يتشاركون النظرة نفسها إلى الازمة السياسية الراهنة ولا حلولها. ما يريده تيار المستقبل بالضبط، التأسيس إلى "إطار" يفيده في ممارسة ضغط على رئاسة الجمهورية يكفل تعزيز شروطه، ويدفع الرئاسة إلى الموافقة عليها.
وبصرف النظر عن التباين بين الأعضاء المقترح ضمهم، وعدم إمكانية إدراج "القوات اللبنانية" عضواً في التحالف لطبيعة اختلافها في النظرة السياسية، و"صلابة" موقفها وتشدّده بالمقارنة مع مواقف الاخرين، تنحو الخيارات صوب أن يتألف "الاطار" من رؤساء الحكومات السابقين ومعهم تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي في البداية، على أن يشمل توسيع الاطار ضم تيار المردة لاحقاً بعد اكتمال صورة النقاشات. وتتحدث معلومات ان بنشعي تفضل عدم الخوض في أي تحالف راهناً، مع أن التواصل معه موجود ويتم على قاعدة "تضافر الجهود لمواجهة حالة التوريث السياسي".
هذا يعني أن الامور وصلت إلى نقطة لا يمكن التراجع عنها، ويبدو أن القرار المتّخذ حالياً (المواجهة) نابع من خلفية الاتهام الموجه إلى بعبدا بـ"هتك حرمة الرئاسة الثالثة" من خلال الفيديو الشهير، الإطار الذي يتم من خلاله تجميع بعض القوى المعارضة ضمن التركيبة نحو هدفٍ واحد.
من هنا، يغرق بيت الوسط منذ أيام في عقد سلسلة من اللقاءات الداخلية، بين مسؤولين في تيار المستقبل وجهات اهلية بيروتية وجمعيات وغير ذلك. في المقابل، لوحظَ أن لقاء الرؤساء الاربعة (رؤساء الحكومات السابقين)، قد عزّز من نشاطه وحركته على مشارف عطلة نهاية الأسبوع المنصرم، بالتوازي مع بروز إشارات تدل إلى توسيع تنسيقه مع بيت الوسط وبإتجاه أقنية أخرى، وهو ما يصب في خانة "تجميع الإطار المعارض".
وكشفت معلومات أن رؤساء الحكومات السابقين الأربعة اجتمعوا ليل الخميس الماضي وبحثوا نماذج حول تكثيف الضغوطات على رئاسة الجمهورية، من بوابة استهلاك ما رسى عن "الفيديو الخطأ"، ودرسوا الجدوى من إنشاء "إطار تنسيقي" يضم شخصيات إسلامية ومسيحية من أهدافه تأمين حشد "وطني" لمواقف البطريرك الراعي الأخيرة، أو تشكل دافعاً لها، والغاية فرض الرأي على بعبدا عبر الضغط. وقد أبلغ الحريري الموجودين عزمه على "إستئناف معركة التأليف حتى النهاية، على قاعدة التشكيلة التي قدمها إلى عون، ولا مجال للتراجع عن رؤيته لطريقة إدارة المرحلة"...
كل ذلك له دلالة واحدة: "طي صفحة الحكومية حتى الربيع المقبل".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News