"ليبانون ديبايت" - المحرر الامني
لم تكُن حادثة إلقاء القبض على جندي في الجيش اللبناني (عنصر في مديرية المخابرات) مُتلبّسًا أثناء مشاركته في سرقة إلى جانب قريبه ليل السبت – الأحد أمراً إستثنائياً، فالموضوع لا يتصل بالجوع الذي كَثُر الحديث عنه في الآونة الأخيرة، بل نابع من تصرّفات بعض الأفراد التي تشذ عن سياقها الطبيعي وتتجه نحو الجريمة، طلباً لمردود مالي إضافي أو تصريفاً للنفوذ أو سعياً وراء أشياء أخرى، وفي بيئة تتعاظم فيها فنون الجريمة لا يمكن أن يكون بعض الأفراد سواء من العسكريين أو الأمنيين أو المدنيين مُنزّهين عن الخطأ.
قبل أيام، ضبط الجيش في محلة الحدود اللبنانية السورية عنصراً في أحد الأجهزة الأمنية أثناء قيامه بنقل كمية من الأموال (دولارات أميركية مزورة) من سوريا بإتجاه لبنان. وفي حادثة أخرى. قبل نحو أسبوع تقريباً، ألقت مديرية المخابرات القبض على عنصرين من جهاز أمني آخر يقومان بعملية سرقة لمطعم يقع في منطقة جل الديب. الحادثتان وغيرها من الحوادث الفردية التي تحصل هي من ضمن السياق العام التي يرتكبها أي فرد في المجتمع، مدنيًا كان أم عسكريًا أم تابعاً لأي مؤسسة في الدولة، وقد جرى التعامل معها في ضوء ما ينص عليه القانون من وضع الموقوفين في عهدة القضاء المختص لمتابعة الإجراءات، من دون تشهير.
عادةً، تُعاني الجيوش كافة من حوادث مشابهة. في الجيش الأميركي المصنّف من أقوى جيوش العالم حالات أكثر قسوة، جرائم الإغتصاب والإعتداء بإسم القانون وتعاطي المخدرات تعتبر جرائم تحتلّ مركزاً متقدماً لدى الجنود الأميركيين. وجيش العدو الإسرائيلي يُعاني من أمر مشابه تقريباً، إذ تكثر حالات الفرار من صفوفه وتنتشر بكثرة العلاقات غير الشرعية وتعاطي المواد المخدرة والأدوية المهلوسة والسرقة (بحسب أحدث التقارير)، مع ذلك، هذا لا يبرر الفعل الذي أقدم عليه الجندي "ا.هـ." وزميله المدني "ش.هـ".
وفي تفاصيل ما حدث، أنّه وعند منتصف ليل السبت ـ الأحد، تنبّه أبناء بلدة بتاتر إلى وجود حركة في إحدى الورش. بعد التقصي تبيّن أنّ ثمة سارقيْن في الموقع وقد استوليا على مجموعة من "السقالات" الحديدية. حتى الآن المسألة طبيعية، والذي يُفترض أن يكون طبيعياً أكثر، أن يلجأ المواطنان إلى تسليم السارقيْن مع المضبوطات فوراً الى أقرب مفرزة أمنية، لكن ما أقدما عليه خالف حتى أبسط قواعد حقوق الإنسان والمعايير الأخلاقية، إذ وحين إكتشفا أنّ أحدهما عسكرياً ويتبع لمديرية المخابرات ومن منطقة بحمدون نمت لديهما نزعة للتشهير به بقصد الذم أولاً بالجيش بالتوازي مع كثرة الحديث حول تدني معاشات الجنود والكلام الجاري تناقله عن حالات فرار تحدث من المؤسسات الأمنية تحت ذريعة العوز، وثانياً بقصد تمرير رسائل ذات بعد سياسي، سيما بعدما يتبيّن أنهما وبحسب مصادر أمنية، يعرفان عن نفسيهما بأنهما عنصران في "جهاز أمن الحزب الإشتراكي في الجبل"! فهل أصبح للحزب التقدمي جهازاً أمنياً يحمي الجبل؟ وهنا لا بد من التذكير بفيديو الظهور العسكري المسلح في "مجدلبعنا" و "بعلشميه" لعناصر الاشتراكي.
من حيث الشكل، كان يفترض وبحسب المُقتضى القانوني أن يتم تسليم الموقوفين، فتتولى عندها الجهة الأمنية التحقيق بالموضوع. ما جرى في "بتاتر" خالف ذلك، إذ تم القاء الموقوفين على الأرض وإنتزاع اعترافات منهما تحت الضغط النفسي والجسدي وباستخدام كاميرا الهاتف الخليوي، ثم بعد ذاك قاما بتسليمهما إلى مفرزة الدرك وابقيا على الشريط المصور بحوزتهما، لغرض اللجوء اليه لاحقاً وفي حال لم يتم محاسبة السارقين، وذلك بحسب إفادتهما التي قدماها إلى الفرع الأمني على إثر توقيفهما بتهمة التشهير بالجيش (أخلى سبيلهما لاحقاً).
من هنا، يدفع ما جرى في "بتاتر" إلى الإعتقاد حول وجود خلفيات أكبر من مسألة التشهير بسارق، بل بمؤسسة عسكرية، وهو ما يُنمِّي الشعور السابق بوجود نزعة بدأت تتولد لدى البعض، تتصل بمحاولة ضرب صورة الجيش اللبناني وإظهاره على أنه فئة خارجة عن القانون، أو أنّ عناصره في مستهل الخروج عن قواعد الانضباط. بالإضافة إلى ذلك، ثمة من يعتقد أنّ هناك أهداف أخرى بفعل الخلفية السياسية لمن قام بالتصوير، وهذا يتصل بتوافر نوايا لإسقاط هيبة الجيش أمام الرأي العام وإظهار عناصره كالمجرمين المتسولين.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News