أثار القصف الإسرائيلي على مبنى سكني في غزة، يضم مكاتب مؤسسات إعلامية، غضباً دولياً وإدانة من دعاة حرية الإعلام، وسط مطالب لحكومة تل أبيب بـ"ضمان سلامة الصحافيين".
ودمر الجيش الإسرائيلي، يوم السبت، مبنى مؤلفاً من 12 طابقاً في مدينة غزة، يضم مكاتب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية ومحطة تلفزيون "الجزيرة"، بالإضافة إلى مكاتب وشقق أخرى.
وبعد ساعات من الضربة الإسرائيلية التي دمّرت المبنى، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي اتصالاً هاتفياً بالرئيس الأميركي، جو بايدن، وفق ما أعلنت رئاسة الحكومة الإسرائيلية في بيان.
وجاء في البيان أن نتنياهو "شدد خلال هذه المحادثات على أن إسرائيل تبذل كل الجهود لتجنّب إلحاق الضرر بأشخاص غير منخرطين" في النزاع، مؤكداً أن "إجلاء الأشخاص من المبنى الذي كانت تتواجد أهداف إرهابية" فيه أنجز قبل تنفيذ الغارة".
وفي وقت سابق، ذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، إن "الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل ضمان سلامة وأمن الصحافيين بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي برجاً في غزة يضم مكاتب إعلامية".
We have communicated directly to the Israelis that ensuring the safety and security of journalists and independent media is a paramount responsibility.
— Jen Psaki (@PressSec) May 15, 2021
وكتبت ساكي في تغريدة على "تويتر": "تواصلنا مباشرة مع الإسرائيليين لضمان أن سلامة وأمن الصحافيين ووسائل الإعلام المستقلة مسؤولية أساسية".
واتهمت النائبة رشيدة طليب، النائبة الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي، والابنة لمهاجرين فلسطينيين، إسرائيل على "تويتر" باستهداف وسائل الإعلام "حتى لا يرى العالم الفلسطينيين يذبحون".
Israel targeting media sources is so the world can't see Israel's war crimes led by the apartheid-in-chief Netanyahu.
— Rashida Tlaib (@RashidaTlaib) May 15, 2021
It's so the world can't see the killing of babies, children and their parents.
It's so the world can't see Palestinians being massacred. https://t.co/AvDp3IuxUA
من جانبها، طالبت لجنة حماية الصحافيين الدولية بـ"تبرير مفصل وموثق" للغارة الجوية، مشيرة إلى أنها قد تمثل "انتهاكاً للقانون الدولي".
وقال جويل سيمون، المدير التنفيذي للجنة، إن "الهجوم الأخير على مبنى معروف منذ فترة طويلة من قبل إسرائيل أنه يضم وسائل إعلام دولية يثير مخاوف أن الجيش الإسرائيلي يستهدف بشكل متعمد المنشآت الإعلامية من أجل تعطيل تغطية المعاناة الإنسانية في غزة".
كما أعربت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية عن "صدمتها وارتياعها"، وقال مديرها التنفيذي غاري برويت في بيان "هذا تطور مقلق للغاية، لقد تفادينا بصعوبة خسائر فادحة في الأرواح".
وأضاف: "يعرفون منذ وقت طويل موقع مكتبنا ويعرفون أنّ هناك صحافيين. تلقينا تحذيراً بأنّ المبنى سيقصف".
وأشار إلى أنه "تم تحذير المؤسسة من الضربة وتم إجلاء الصحافيين في الوقت المناسب".
ورأى صحافيو وكالة "فرانس برس" نحو الساعة 15:00 بالتوقيت المحلي انهيار البرج المكوّن من 12 طابقاً، إثر تعرّضه لعدّة صواريخ.
وفي السياق, واصل صحافيو قناة "الجزيرة" البث المباشر أثناء إخلاء مكاتبهم. وأظهرت لقطات بثتها القناة مالك المبنى وهو يتوسل لتأجيل الضربات الجوية لمدة 10 دقائق حتى يتمكن الصحافيون من العودة إلى الداخل وأخذ معدات التصوير باهظة الثمن.
وقال صاحب المبنى، جواد مهدي، عندما رُفض الطلب "لقد دمرتم عمل حياتنا وذكرياتنا وحياتنا"، حسبما ذكرت "أسوشيتد برس".
وكتب مراسل "ذا غارديان أستراليا"، أنطون عيسى: "عندما تقضي سنواتك في متابعة حروب إسرائيل، تزول صدمة وحشيتها.
When you spend your years following Israel's wars, the shock of its brutality wears off.
— Antoun Issa (@antissa) May 15, 2021
They've bombed UN compounds, refugee camps, schools, hospitals, ambulances, power stations. What's a media building to add to Israel's long list of crimes against humanity? https://t.co/w4ElvAsCe5
وأضاف: "لقد قصفوا مجمعات الأمم المتحدة ومخيمات اللاجئين والمدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف ومحطات الطاقة. ماذا سيضيف مبنى إعلامي إلى قائمة الجرائم الإسرائيلية الطويلة ضد الإنسانية؟".
بينما قال مراسل شبكة "إي بي سي نيوز" الأميركية في لندن امتياز طيب: "أنا مصدوم. كان هذا المبنى مكتبي لسنوات. ذهب الآن في هجوم جوي إسرائيلي".
I’m in shock. That building was my office for years. Now gone in an Israeli air attack. The BBC and AP also had offices there, but most of the floors were residential. So many more families are homeless in Gaza tonight. https://t.co/tb8M0BXJxH
— Imtiaz Tyab (@ImtiazTyab) May 15, 2021
وأضاف: "كان بي بي سي وأسوشيتد برس لديهما أيضاً مكاتب هناك، لكن معظم الطوابق كانت سكنية. الكثير من الأسر أصبحت بلا مأوى في غزة الليلة".
ووصف مصطفى سواق، المدير العام بالوكالة لشبكة "الجزيرة" الإعلامية، الهجوم بأنه "وحشي" وطالب بتحرك دولي لمحاسبة إسرائيل وتحميلها المسؤولية.
وأضاف في بيان "هدف هذه الجريمة هو إخراس الإعلام المهني الحر وإخفاء حقيقة ما يتعرض له أهل غزة من قتل وتدمير ووحشية".
في المقابل، رفض المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس ما يتردد عن سعي إسرائيل لإسكات وسائل الإعلام. وقال لرويترز "هذا قول زائف تماماً. الإعلام ليس الهدف على الإطلاق".
ووصف كونريكوس المبنى بأنه "هدف عسكري مشروع"، قائلاً إنه "يضم المخابرات العسكرية لحماس". وأضاف أن "حماس ربما خلصت إلى أنها بوضع أصول تابعة لها داخل مبنى به مكاتب وسائل إعلامية "فإنها كانت تأمل على الأرجح بأنها ستكون في مأمن من الهجوم الإسرائيلي".
وأشار كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية، الى إن "معدات ومنشآت الإعلام، تشكل أهدافاً مدنية مشمولة بالحماية".
وأضاف في تغريدة أن "حقيقة أن المبنى كان سيستخدم كدرع من قبل حماس أو مقاتلين آخرين لا يسمح بتحويل وسائل الإعلام إلى أهداف عسكرية، فهذه جريمة حرب".
THREAD @RSF_inter outraged with IDF willful targeting and destruction of @AP, @AlJazeera and other media's offices in #Gaza. Media equipments and installations constitute civilian objects and shall be protected. https://t.co/aRCivM1Fh2
— Christophe Deloire (@cdeloire) May 15, 2021
كما أعربت "نقابة الصحفيين الأجانب" في إسرائيل، عن "قلقها البالغ واستيائها لقرار الجيش الإسرائيلي باستهداف المبنى".
وقالت في بيان، إن "التسبب عمداً في تدمير مكاتب بعض أكبر المؤسسات الإخبارية وأكثرها نفوذاً في العالم يثير تساؤلات مثيرة للقلق العميق إزاء استعداد إسرائيل للتدخل في حرية عمل الصحافة"، لافتة إلى أن "إسرائيل لم تقدم أي أدلة لدعم ادعائها بأن المبنى كان يستخدم من قبل حماس".
ودعت الأطراف على جانبي النزاع إلى إعادة تأكيد التزامها "بضمان السماح للمكاتب الإخبارية الأجنبية بمباشرة عملها دون استهدافها أو تعريضها للخطر".