المحلية

الثلاثاء 01 حزيران 2021 - 07:46

التأليف... "كمين قواتي" لنسف الحكومة

التأليف... "كمين قواتي" لنسف الحكومة

"ليبانون ديبايت"- عبدالله قمح

قبل أن تطأ أقدام رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، أرض المطار عائداً من اعتكاف طويل وغير معلن قضاه في ربوع إمارة أبو ظبي، عاجله نائب "القوات اللبنانية" سيزار معلوف، بتغريدة تحمل طابعا تهديديا: مجلس النواب سيشهد استقالات جماعية خلال الـ48 ساعة المقبلة، في حال لم تنجح المبادرة الحالية بالتأليف. من مكان آخر، كان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يُلقي الحجّة على آخرين، داعياً إلى التفتيش عن القوى الخفية التي تحول دون تأليف الحكومة..

يُفهم بنتيجته، أن ثمة أرواحاً "غير مرئية" تحوم وتتنقل بين جدران التأليف، وكل الإيجابيات التي تتمّ إشاعتها "مضروبة" بنسبة كبيرة، وغايتها الحثّ والمبادرة فقط لا غير، وسيبقى الأمر على هذا النحو طالما أن البحث عن الأشباح يستحوذ على جهود المعنيين، وثمة من بينهم من يتقصد أسر التأليف.

في ظل هذا المشهد السوريالي، وعلى وقع التهديد وتفشّي وباء السلبيات في الأرجاء، لبّى الحريري موعد رئيس مجلس النواب نبيه برّي، في عين التينة تحت بند وحيد: الإتفاق على تأليف سريع للحكومة.

غالب الظن، أن القوى المعنية بالتأليف وتلك الساعية إليه من خلفية الخشية على الوضع الداخلي، كان في بالها أن "لقاء عين التينة" سيتوّج باتفاق، يخرج عنه دخان أبيض يؤذن للشروع في أمر التأليف مجدداً. لكن وبعد ساعتين من المباحثات والكلام الموزّع على مختلف الدرجات، بين ساخنة وباردة، خرج الحريري بخفي حنين ومن دون الإدلاء بأي تصريح.

المعلومات المحدودة غير الرسمية حول الإجتماع، أفادت بأنه كان ايجابياً لكنه غير منتج بمعنى أن تلك الإيجابية لا يبنى عليها بعد وتحتاج إلى تخمير، وتخلّله نقاش عميق بين الرئيسين حول صيغ التأليف والعُقد الراهنة. وقد نصح بري الحريري، بضرورة الإسراع بالتأليف، وأحاطه بالمخاطر الناجمة عن أي تأخير إضافي. وقد أبدى بري استعداده ليشكّل بنفسه ضمانة التأليف (تولّد انطباع أن بري يقصد ضمان مرجعية الوزيرين المسيحيين المُختلف عليهما) وقد تناقشا بصيغ ومخارج. وهنا، تتباين المعلومات وتتضارب على مستويين: الأول، أن بري أصبح في صورة تشكيلة حكومية وفق صيغة ٢٤، وسيقوم بعرضها على رئيس الجمهورية ميشال عون، لأخذ رأيه وملاحظاته، والثاني أن بري، نال من الحريري تصوّراً منهجياً غير مكتمل، استمهله لعرضه على الرئيس والبناء على ما يرده منه، على أن يعود الحريري لاحقاً لاستكمال النقاش. بنتيجة كل ذلك، منح بري الحريري فترة سماح إضافية غير مفتوحة لا تتجاوز الأيام المعدودة للعودة إلى رئيس المجلس، وقد اشترط بري على الحريري عدم مغادرة البلاد قبل نيل الأجوبة. ويبدو أن برّي سيُقرّر موقفه ويذهب إلى تحديد هوية المعرقل والإعلان عنها بناءً على ما سيناله من أجوبة. ما يُمكن حسمه بنتيجة ما حصل، أن العدّ العكسي لاستبيان التأليف من عدمه، بدأ فور انعقاد لقاء عين التينة. الأمر الآخر الذي يمكن استنتاجه، أن بري أعاد تفعيل "خط تبادل الصيغ"، لكن لا شيء ثابتاً بعد، وقد لمسَ بأن الحريري، جاء معززاً بدعم مصري ظاهر. ووفق تعليق المصادر، فإن الأجواء الحالية مقسّمة "fifty fifty"مائلة أكثر إلى السلبية ولا يمكن التنبؤ بأي شيء لغايته، لذلك رفّع لقاء عين التينة إلى مصاف المبادرة الأخيرة على قاعدة Last man standing!

في قاموس الواقعية السياسية، يمكن استنتاج أن الأمور بناءً على ما ترتب، تتجه صوب "عراك سياسي طاحن". يبقى الثابت الوحيد أن بري وفريقه، يحيطون نتائج "لقاء عين التينة" بهالة من الكتمان الشديد، على قاعدة "أقضوا حوائجكم بالكتمان".

وفي ضوء آخر update لبرنامج تأليف الحكومة، تخرج من مكانٍ آخر عبارات اللاإستقرار، وتتوسط كل ذلك مخاطر باحتمال حدوث "انكماش نيابي" قد يطيح بكل ما يُعمل عليه في ساعات معدودة. فتهديد نائب "القوات"، أُخذ على محمل الجد، وهو ما يُبشّر باستقالات جماعية جاهزة، وقد حدّد أوانها بساعات معدودة ستدهم مفاوضات التأليف، التي يُتوقّع أن تستغرق مدةً، قد تصل إلى أسبوع للبناء على نتائجها واتخاذ القرار المناسب في ضوئها، فهل تُباغت التهديدات إمكانيات الحلول وتقطع الطريق عليها؟

هُناك من يعتقد، أن معراب تُحاول استكمال "كمين نهر الكلب" الذي طال النازحين السوريين عبر استيلاد "كمين نيابي" من نوع آخر، يقطع الطريق على أي إمكانية للحل. وكما في حادثة السوريين، حيث تواردت إلى القوات معطيات حول "هبة" سورية ستقترع للرئيس بشار الأسد، معطوفة على تحركات مؤيدة له، فكان أن اتخذ القرار بإعاقة تلك الأنشطة باعتماد خاصية الإنقلاب، يبدو أن معطيات تواردت إلى معراب خلال الساعات الماضية، قد دلّت إلى إحتمال تأليف الحكومة، لذا تقرّر الإعداد لـ"كمين نيابي" من خلال تفعيل وضعية الإستقالات، قطعاً للطريق على أي إمكانية للحل، أو ممارسة ضغط تعتقد الأوساط بأنه "خارجي المصدر".

في خلاصة المشهد، وبما أن مسألة العقم المستحوذ على مسار التأليف ما زالت هي المسيطرة، تقدّم الحديث مجدداً عن تأليف "حكومة إنتقالية لإدارة الإنتخابات النيابية" من خارج رئاسة سعد الحريري، بصفته مرشحاً مفترضاً، إنما ثابتاً، للإنتخابات، وبصفته شخصاً عاجزاً عن تأليف حكومة بدليل بقائه مكلّفاً لأكثر من 6 أشهر من دون جدوى!

ويسترعي الإنتباه هنا ترويج معلومات "غربية المصدر" حول رفض دول أجنبية "مقرّرة"، انضواء شخصيات أساسية ومعروفة ضمن تركيبة الحكومة اللبنانية المقبلة، بصفتهم مرشحين مفترضين وقد يطمحون إلى تأمين استفادة من خلال مواقعهم وتجييرها لأنفسهم على شكل "خدمات إنتخابية"، ما ينمّي الإعتقاد بأن معظم تلك الدول، ومن بينها فرنسا، باتت تميل أكثر إلى فكرة تأليف حكومة إدارة إنتخابات في الوقت الراهن.

وفي الداخل، ثمة أكثر من طرف بات لا يُخفي ميله إلى هذا التوجّه أيضاً. ويبرز في هذا المجال حضور "استطلاع للرأي" نظّمه حزب مسيحي أساسي، أظهر بأن مسار التهاوي الذي شهده مؤخراً أخذ بالأفول، في ضوء عدة خطوات اعتمدها، ومنها تفعيل المواجهة القضائية وإستخدام الهجوم عليه في إطار استفادة طائفية، أوحت أن ثمة فريقاً وأكثر يسعى إلى "تهذيب حضور المسيحيين داخل السلطة". وفي ضوء نتائج الإستطلاع، بات هذا الحزب يميل صوب الذهاب إلى انتخابات نيابية، يعتقد أنه، وفيما لو ذهب إليها الآن، فيستطيع لملمة بعض الحطام الذي طاله، وستوفر له أفضل فرصة للنفاذ من هزيمة أقسى متوقعة في حال التزم بموعد الإنتخابات الثابت ربيع العام المقبل.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة