المحلية

الخميس 03 حزيران 2021 - 03:04

بري في حالة السخط العارم... سقوط صيغة الـ 24؟

بري في حالة السخط العارم... سقوط صيغة الـ 24؟

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

صدقَ النائب جميل السيّد، إنها حقًّاً "مراشقة بالصرامي"! وقساوة التعبير لا تخفي قساوة الفعل المترتّب عن تضييع آخر فرصة لتأليف الحكومة، ذلك أن الرّدح السياسي الذي استحوذ على واجهة المشهد خلال الساعات الـ24 الماضية من خلفية الإشتباك الأزرق ـ البرتقالي المفتعل، لا يوحي أبداً بتبدّل المواقف، الّلهم إلا بتبادل أدوار مدروسة لإسقاط آخر آمال التأليف!

من وقف خلف بيانات الإشتباك هم طرفان، الأول يفترض وبحكم الدستور أنه المعني الرئيس بالتأليف بالشراكة مع رئيس الجمهورية، بينما يعتبر الثاني شريكاً أساسياً. من هنا يُمكن استشراف المشهد المقبل وأي حكومة ننتظر!

في ضوء آخر تحديث لمعطيات التأليف، بلغ أن الوساطة الجدية والوحيدة التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، اعتراها الجمود وتعرّضت لندوب أمام مشهد التراشق الإعلامي، الذي كان كفيلاً بوضعها لأوزارها وبوضع رئيس المجلس في حالة السخط العارم، وسط محاولات حثيثة لانتشالها. وباستثناء زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى القصر الجمهوري، لم يطرأ أمس أي جديد على مسار التأليف، ولم يبدل أي معطى، وخرج النقاش حول صيغ الحل من التداول، وقد استعيض عنه بتفعيل خاصية البحث عن تهدئة على جبهات بعبدا ـ بيت الوسط، وميرنا الشالوحي ـ بيت الوسط، تمرّ عبر إنضاج ظروف وقف إطلاق النار من خلال البيانات، وتأمين تفاهمات مشتركة ترعاها أطراف الحل، تقوم على قاعدة التزام تحييد المنابر الإعلامية والإستهداف الشخصي، وإتاحة الفرصة لاستئناف وساطة الحل. لكن كيف سيصار للعودة إلى "مسار الحل" المنشود، ما دام أن لغة التخاطب تقوم على تشبيهات على شكل إدارة "مستنقع سياسي" و "مؤسّسة حزبية" و "إستخدام الكذب" ..

ما استرعى الإنتباه، هذا الهيجان الخطابي الذي اقتحم المشهد السياسي في ظل تفعيل الوساطات، وبشكل مستغرب وعنيف، باغت الأطراف العاملة على خطوط الحل، إلى درجة أنهم لم يستطيعوا وأده أو يحدّوا من رقعة إنتشاره. أما الذي يثير التساؤلات وعلامات الإستفهام، هو التوقيت والخلفيات. فبينما كان الراعي يهمّ بالصعود إلى بعبدا عاجله "المستقبل" بتوظيف ردّ القصر الجمهوري على بيان أزرق سابق، مستخدماً رداً أقسى كان من مفاعيله أن إحباط المسعى الأساس الذي وضعه الراعي عنواناً لزيارته. فلم يكن يجدر أن ينزل الخطاب بين الطرفين المعنيين بأمر التأليف إلى هذا المستوى "السوقي"، وفي ظل سريان مفعول الوساطات، إلا إذ كان لدى طرفي التأليف أو أحدهما نيّة لعرقلة الجهود تمهيداً لإسقاط أي احتمال للحل، من خلفية عدم توافر نيّة لديه لتأليف حكومة تأسيساً على أسباب داخلية ـ خارجية. وما ينمّي هذا الشعور إستغلال أي حادثة كلامية والبناء عليها في ردّ فعل مبالغ فيه.

وفيما اختار البعض البحث عن المتسبّب في إطلاق الرصاصة الأولى التي أودت باحتمالات الحلول وزادت من الفجوة، وأدّت إلى انفجار الإشتباك وإشعال الخطوط، رأى آخرون أن ما سرى خلال تلك الساعات ينم عن وجود مصلحة مشتركة لوأد التأليف، وحالة من اللامسؤولية التي تجتاح بعض المقار السياسية، والتي ما عادت تحترم التزاماتها وجهود الغير، ولا تقيم لها وزناً، وكان الحري بهم إنتظار فراغ الرئيس نبيه برّي من وساطته، والراعي من زيارته، قبل الخوض في مجال "الشتم السياسي"، ما أوحى أن البعض لم يعد يقيم قيمة لا للرجل ولا أي اعتبار للجهود السياسية. ولو توافرت النية الحقيقية لسلوك درب الحال والمضي نحو تأليف الحكومة، لكان الفريقان، أو من بادر منهما إلى افتعال الإشتباك أو تأجيجه عبر ردود فعل مبالغ فيها وفق الشكل الذي أقدم عليه تيار "المستقبل"، قد هضما التصريحات المتفلّتة و"مسحاها بذقن" صاحب الوساطة، وأوقفا العمل بالتفسيرات والحكم على النيات والخلفيات والظنون بطريقة مبالغ فيها، وليس بالإستناد إلى النص.

عموماً، نمى شعور بأن ثمة نيّة لـ"تهشيل" تأليف الحكومة إلى موعدٍ لاحق، ولقد أوحى البطريرك الراعي بتراجع إحتمالات تأليف حكومة وفق الأدبيات الماضية "أي حكومة موسّعة من 24 وزيراً" مقابل ارتفاع الحديث عن تأليف حكومة إنتخابات. صحيح أن الراعي لم يشر إلى ذلك بالإسم، لكن طرحه تأليف حكومة أقطاب "مصغّرة" من غير الحزبيين (؟؟؟!) وفق ما أعلن من على منبر بعبدا، تقود إلى تعويم هذا الطرح.

وفي الحقيقة، ومقارنة بين صيغتي الـ18 و 24 نجد أن الأخيرة، وفي ضوء النزاع حول التوزيعة والخلاف حول مرجعية الوزيرين المسيحيين المستحدثين قد وسّع الخلاف بدل تقليصه. في المقابل، يتنازع شريكا التأليف الأسباب المعرقلة لتأخير التأليف أو تطييره. فرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بلغه أن باريس لم تعد بوارد تأليف حكومة مهمّة، وإن طموحها الحالي لا يتعدى تأليف حكومة إدارة إنتخابات، فيما تركيزها منصب على رعاية "بدلاء سياسيين" لا تبني "حكومة إصلاحات" لم تعد ذات قيمة في ظل دهم المهل. وبخلاصته، استنتجَ الحريري خلال زيارته السريعة إلى باريس، والتي التقى خلالها أعضاء "خلية لبنان في الإليزيه"، بأنه لم يعد خياراً لرئاسة الحكومة، وقد لمس أفضلية فرنسية في التنحي، لذا هل أن الحريري يُراهن على وساطة برّي الأخيرة وموقف "التيار الوطني الحرّ" منه ليوفّر ذريعةً لخروجه من المضمار على قاعدة أنه سلّف برّي حلاً ولم ينجح، وأن العونيين أحبطوه، وبالتالي، سيعمل على استخدام هذه النتائج كرافعة سياسية في استحقاق 2022؟

في المقابل، يتعامل "التيار" بالمثل. فجبران باسيل ما زال يحافظ على المشاعر الرافضة لترؤس الحريري، وقد تعمّقت لديه بعد جولة الأمس "الزجلية"، وبالتالي، بات ينظر إلى الإنتخابات النيابية وليس إلى الحكومة. وفي حال كانت لا بد من حكومة، فيجب أن تأتي من خارج حضور الحريري، وعلى قاعدة تسمح للعهد بالتعويض.

ذلك يعني أن الطرفان يتبادلان الأدوار لتطيير التأليف من خلفيات مختلفة تدرّ عليهم مصالح متباينة. في الخلاصة: هيا إلى حكومة إنتخابات.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة