ترجمة "ليبانون ديبايت"
نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مقال رأي للكاتب ديفيد روزنبرغ، يزعم فيه "حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لن تحقق أي إصلاح اقتصادي حقيقي، لأن المزيد من الفساد اللبناني القديم – الجديد يكمن خلف "الحكومة التكنوقراطية الجديدة"".
ويقول الكاتب: "قام رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، بكل ما يجب على أي زعيم جيد أن يفعله عند تولي مسؤولية بلد في حال انهيار اقتصادية لا مثيل لها عملياً. المستنقع الاقتصادي الذي تورط فيه لبنان ليس له سوى عدد قليل من الأقران في القرن ونصف القرن الماضي. أعلن ميقاتي، يوم (الجمعة) الماضي، تشكيله للحكومة بعد مفاوضات مطولة، إمتلأت عيناه بالدموع وإهتزّ صوته وهو يصف المصاعب التي يعيشها اللبنانيون، قال ميقاتي: "الوضع صعب للغاية"، تبع ذلك ملاحظة مناسبة من الأمل والتفاؤل: "سنعمل جميعًا معا، متحدون بالأمل والتصميم".
ويتساءل روزنبرغ: "من أنا لأشكك في صدقه (ميقاتي)؟، ويقول: "لكن بصفته رجل أعمال مليارديرا، يمكننا أن نكون على ثقة من أن ميقاتي نفسه لا يعاني شخصياً وربما لم يخرج إلى الشارع ليرى عن كثب آلام الآخرين. وبغض النظر عن التعاطف الذي قد يكون لديه، فمن المرجح أن يكون مقيدًا بحقيقة أنه جزء من النخبة السياسية الفاسدة التي تخدم مصالحها الذاتية في البلاد - أولئك الذين تركوا مشاكل الاقتصاد تتفاقم لسنوات من دون أن يحرّكوا ساكناً".
ويشير الى أنه "من الصعب تصديق وجود أي متفائلين بالفعل، ولكن بطريقة ما تعزز وضع الليرة اللبنانية بعد أنباء تشكيل الحكومة الجديدة، حيث وصلت قيمتها إلى 15000 مقابل الدولار الواحد، وهو أعلى مستوى له في أربعة أشهر".
ويضيف: "يمكن للمتفائلين أن يشيروا إلى تطورين إيجابيين: الأول: بعد 13 شهراً من النسيان ، أصبح للبنان أخيراً حكومة تتمتع بالسلطة النظرية لمعالجة الأزمة. وثانياً: حكومة ميقاتي يديرها التكنوقراط - رجال ونساء لديهم المهارات اللازمة لإدارة البلاد، وليس السياسيين".
ويدعي ديفيد روزنبرغ، "أن هذا التفاؤل يعتمد على أخبار "مزيفة"!
ويتابع: "مهما كانت الصلاحيات الرسمية التي تتمتع بها الحكومة، فإن حقيقة أن لبنان من المقرر أن يجري انتخابات نيابية في شهر (أيار) المقبل طغت بظلالها. لا أحد، بما في ذلك البلدان التي كانت تضغط على لبنان لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشدة، يقترح تأجيلها. قد تنتج حكومة ميقاتي بعض "إصلاحات بوتيمكين" لإرضاء المانحين المحتملين وإرضاء الناخبين قبل الانتخابات، لكن لن يكون لديها الوقت ولا الرغبة في القيام بما هو مطلوب فعلاً. على أي حال، الوزراء الجدد هم تكنوقراط بالاسم فقط. فعلاً، إنهم رجال ونساء واجهة للنخبة السياسية، ولديهم درجات أكاديمية وخبرة عملية للقيام بوظائفهم، لكنهم مدينون بالفضل للسياسيين الذين جعلوهم وزراء في الحكومة الجديدة. هم ليسوا فوق النظام. هم جزء منه".
ويقول روزنبرغ: "لنأخذ على سبيل المثال يوسف خليل، الذي يشغل منصب وزير المالية في حكومة ميقاتي الجديدة. على الورق، خليل تكنوقراط بامتياز – وحاصل على دكتوراه. خبير اقتصادي في كلية الجامعة الأميركية في بيروت وشغل مناصب عليا في مجموعة من المنظمات غير الحكومية. لكن خلال الأعوام الأخيرة، شغل خليل منصب رئيس قسم العمليات المالية في مصرف لبنان المركزي، أي لاعباً رئيسياً في الهندسة المالية لسعر صرف الليرة اللبنانية التي ساهمت في انهيار الاقتصاد. يقال إنه قريب من (حاكم مصرف لبنان) رياض سلامة، الذي كان العقل المدبر لهذا الإنجاز الهندسي الكارثي ولا يزال في وظيفته على الرغم من ذلك".
ويضيف: "تم ترشيح خليل لهذا المنصب من قبل (رئيس مجلس النواب نبيه بري)، "زعيم حركة أمل الشيعية". حتى لو ظهر الأداء التكنوقراطي الداخلي لخليل وزملائه الوزراء بطريقة ما وتحدوا زعمائهم السياسيين، فإن مشاكل لبنان عميقة للغاية ومستعصية على الحل، بحيث يتعذر على حكومة ميقاتي البدء في معالجتها".
ويذكر أن "البنك الدولي يقدر أن الناتج المحلي الإجمالي للبنان انكمش بنسبة 6.7٪ في العام 2019، و 20.3٪ أخرى في العام 2020، خلال أسوأ انتشار لوباء "كوفيد – 19" وانفجار مرفأ بيروت".
ويرى أن "هذا العام، وبدلاً من أي جهد من جانب الحكومة المؤقتة للتحرك، من المحتمل أن ينكمش الاقتصاد 9.5 في المائة أخرى. وخسرت الليرة 90 بالمئة من قيمتها العام الماضي، ووصل التضخم إلى 80 بالمئة العام الماضي ومن المحتمل أن يتجاوز هذا المعدل هذا العام. تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من ثلاثة أرباع السكان يعيشون الآن في فقر. قد يصل الدين الخارجي إلى أكثر من 340٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العام 2021".
ويعتقد روزنبرغ أنه "إذا كان الأمر يتعلق ببساطة بجمع فريق من الاقتصاديين معاً لوضع خطة وتنفيذها، فيمكن التعامل مع كارثة بهذا الحجم - بافتراض أن المجتمع الدولي قد أتى بالأموال لمساعدة البلاد. قائمة المهام واضحة ومباشرة وتتضمن إعادة هيكلة الديون وإصلاح القطاع المالي المتضخم وإصلاحات القطاع العام".
ويدعي أن شيئاً من ذلك لا يمكن "أن يحدث من دون حصول أي معاقبة شديدة للأشخاص، ومن دون الهجوم على مصالح النخبة الحاكمة في لبنان. ليس هناك فائدة من إعطاء لبنان المال لتدبير أموره، إذا لم تكن هناك خطة لإستعادة لبنان من أجل البدء ببنائه. لكن يبدو أن القوى الموجودة في لبنان تأمل بطريقة ما في أن تنجح في ذلك، إما عن طريق بث الذنب لدى الدول المانحة بسبب المحنة الحقيقية للبلاد، أو عن طريق إثارة المخاوف من وقوع لبنان في أيدي إيران".
ويرى أن ""حزب الله" أتى بشحنات الوقود الإيراني إلى لبنان، لتصوير نفسه وداعمه الإيراني على أنهما منقذان للبنان في وقت الحاجة. لكن مما لا شك فيه أن بقية النخبة الفاسدة في لبنان ترى بعض الفوائد السياسية لأنفسها من شحنات النفط من خلال تخويف الغرب وقوى النفط الخليجية أيضاً".
ويختم ديفيد روزنبرغ بالقول: "لكن من دون إصلاح، سيبقى "حزب الله" القوة المهيمنة في لبنان - إنه جزء من النظام الفاسد مثل الأحزاب السياسية الأخرى. إن تقديم المساعدة لن يؤدي إلا إلى تعزيز سيطرتهم. إنه لأمر مؤسف أن يعاني اللبنانيون، لكن قادتهم هم من قرر ذلك".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News