المحلية

الأربعاء 07 أيلول 2022 - 15:29

قراءة للمحامي أمين بشير عن المبادرة "الإنقاذيّة" لتكتّل قوى التغيير!

قراءة للمحامي أمين بشير عن المبادرة "الإنقاذيّة" لتكتّل قوى التغيير!

"ليبانون ديبايت" - المحامي أمين جورج بشير

بدايةً لا بدّ من توجيه الثناء لأي مبادرة مهما كان نوعها أو شكلها ومهما كان مصدرها عندما تتعلّق بمخرج أو حل أو تشاور لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة ضمن المهل الدستوريّة. فالمبادرة بحدّ ذاتها هي وسيلة من وسائل الحثّ والسعي السياسي للعمل على هذا الانتخاب، وبطبيعة الحال لن يطلق أي تكتّل أو تجمّع نوّاب، مبادرة ما إلّا يجب أن تكون وفق رؤية هؤلاء. أقلّه يوجد وعي لدى هذا التكتّل أن التعاون والتشاور سوف يولّد زخماً سياسياً ودستوريّاً لإجراء الانتخاب. وهذا جيّد ولكن هل يكفي؟ وهل ما ورد في المبادرة من مواصفات متعلّقة بشخص الرئيس هي واقعيّة أم تكرار مملّ لمواصفات خشبيّة تتكرّر كل ست سنوات عند وقوع موعد الانتخابات الرئاسيّة؟

أفضل ما في المبادرة أنّها صادرة عن تكتّل، فتأسيس التكتّل بحد ذاته يتبلور ويتجسّد من خلال هكذا مبادرات، وهذا أفضل ما في طيّات المبادرة بأنّها أدّت أو أتت نتيجة تكتّل النواب " التغييريين" ضمن تكتّل نيابي، ما الفرق والنتيجة المرجوّة واحدة.

الأمر الإيجابي الثاني هو أخذ زمام المبادرة بطرح التلاقي والتحاور والتعاون مع الكتل الأخرى والنوّاب الآخرين، سيّما أننا شعرنا بعد الانتخاب وكأن النواب التغييريين مصابون بمتلازمة "كلّن يعني كلّن" والأنكى من ذلك أنّهم موهومين بأن هكذا شعار ينتج عملاً سياسيّاً وتشريعيّاً وإنتخابيّاً في المجلس النيابي.

لنعود الى القراءة المفيدة للمبادرة ولا سيّما جوهرها الأساسي المتعلّق بالمواصفات "الرئاسيّة" إذا جاز التعبير.

نعني بالقراءة المفيدة، القراءة التي تهدف الى الاستفادة من المبادرة وليس نقدها لغايات التفخيت والحرتقة على الطريقة اللبنانيّة بل نقدها من أجل أن تكون نافعة وذات أثر إيجابي.

لذا سوف ننطلق من التركيبات السوسيولوجيّة لمكوّنات التكتّل: ان أعضاء التكتّل آتون من تراكم مفاعيل ثورة ١٧ تشرين بما فيها من حسنات عظيمة (ولا سيّما نشر الوعي واليقظة تجاه طبقة سياسيّة فاسدة) وما عليها(من سوء تنظيم وافتقار للأهداف ولجدول الأولويّات وشعار "كلّن يعني كلّن" التبسيطي والتسخيفي للمشكلة والذي من شأنه تجهيل الفاعل والسارق والفاسد)، لذا ان تكرار واقع ثورة ١٧ تشرين في المجلس النيابي دون رؤية وخطّة سوف تنتهي بالفشل العظيم. يجب أن يعلم أعضاء التكتّل حيث قسم منهم عاشق الكلام والظهور والقرقعة الاعلاميّة غير المنتجة، أن شعار كلّن يعني كلّن (غير الواقعي أساساً)، لو سلّمنا جدلاً بصحّته، فهو غير مجدي في العمل السياسي والتشريعي سيّما بعد انتخابات نيابيّة أنتجت مشروعيّة شعبيّة لمن نجح في الندوة البرلمانيّة. لذا الواقعيّة والمنطق يتطلّب من التكتّل وجوب وضرورة التعاون والنقاش واللقاء مع جميع التكتّلات والأعضاء الذين يجمعهم مع التكتّل حدّ أدني من المسلّمات الوطنيّة (حيث ليس بالضرورة التطابق في الرأي في كافة القضايا الوطنيّة).

أما تعداد المواصفات الرئاسيّة فهو تعداد خشبيّ غير منتج ولا يفيد واقعاً حيث ان الشخص هو المواصفات وهو البرنامج في لبنان سيّما في ظلّ إفتقارنا في لبنان للنظام الثنائي الحزبي.... وبربّكم أبعدونا عن هؤلاء المرشحين الخبيثين الذين لا لون ولا نكهة لهم ولا دور لهم إلّا إدعاء المثاليّات الخبيثة التي تتلطّى وراء الهدف الحقيقي وهو الوصوليّة للأقل قيمة، فقط لأنّه يرتّب خطابه السياسي وتصاريحه بأسلوب "أبو ملحم" وفق ما هو مطلوب لغايات الوصول ليس إلّا.

لذا ان قضيّة تعداد المواصفات بالشكل الذي ورد في المبادرة هو تعداد متكرّر في الخطاب السياسي اللبناني التكاذبي الذي لا يعالج حقيقة المشكلة بل يدور حولها.
ان الشخص هو البرنامج وهو المواصفات وهو المشروع.... هذا واقعنا السياسي والحزبي في لبنان....وهل انتخاب الرئيس خاضع لمواصفات ملكات الجمال في الطول والوزن والخصر؟ ....الخ

ان تفعيل المبادرة وجعلها مفيدة وواقعيّة وليست خطابيّة كلاميّة فقط لا غير، يحتّم على مطلقيها لقاء الجميع والتعاون مع الجميع ولا سيّما من يشبههم من الخط السيادي في البلد. لذا عليهم الخروج من عقدة التعاون مع القوات اللبنانيّة والكتائب والنوّاب المستقلّين والابتعاد عن الاسقاطات الحاضرة والسخيفة. وإلّا لمن هذه المبادرة موجّهة؟ إلى حزب الله ؟ إلى حركة أمل ؟ إلى التيّار الوطني الحرّ؟ تخبزوا بالعافية....

ان هكذا تعاون يُستحسَن أن يتمّ من خلال أفراد أو لجنة لا تنتمي إلى أي حزب وفي الوقت نفسه على علاقة جيّدة مع هذه الأحزاب، ليكون لها هامش التفاوض والحركة الحرّة ما بين الكتل كافّة... وقد سبق لنا أن طرحنا هذا الطرح على القوّات والكتائب وأبديا كل ترحيب به....ان النقاش يجب أن يدخل في الأسماء مباشرة بدون مضيعة الوقت في قصّة المواصفات الخشبيّة... على كل فريق أو تكتّل أن يضع لائحة من ثلاث أسماء ومن حق الكتلة طرح أحد أعضاءها أو زعيمها أو رئيسها وفي المقابل تتولّى اللجنة التنسيقيّة ما بين الكتل والنوّاب السياديين العمل على الأسماء المشتركة بين مختلف لوائح الكتل(إذا وجدت). وإذا لم تنوجِد الأسماء أو الإسم المشترك بين لوائح الكتل المؤلفة كل واحدة منها من ثلاث مرشّحين، تكون مهمّة اللجنة التنسيقيّة المستقلّة تقريب وجهات النظر توصّلاً للإسم السيادي الحقيقي وليس صاحب الخطاب غبّ الطلب والوصولي وإلّا التوصّل للائحة من ثلاث مرشّحين محتملين ليصار الى التخطيط بين كافة الأكثريّة للتصويت لواحد منهم ترى فيه كافة الكتل بأنّه الأنسب والأفضل.... بعيداً عن لائحة المواصفات هذه التي لا تسمن ولا تغني من جوع.....

اذا كان لمطلقي المبادرة النيّة الطيّبة الحقيقيّة، فما عليهم إلّا الخروج من عقد التعاون واللقاء مع كافة الكتل والنوّاب ذات الشرعيّة والمشروعيّة الشعبيّة بنتيجة الانتخابات وبالطبع عليهم أن يجعلوا من أصوات الأكثريّة الجديدة في المجلس النيابي واقع مفيد بعكس التجارب الثلاث التي مرّت والتي أثبتت عن فشل ذريع في التكتيك والاستراتيجيا السياسيّة(إنتخاب رئيس المجلس ونائبه واللجان) والتي أدّت الي الشعور باليأس والإحباط لدى كل الأحرار في لبنان.

المبادرة تبقي مبادرة إذا لم تتجسّد بخطوات عمليّة بسيطة بدءاً باللقاءات المكثّفة وبتولّي لجنة مصغّرة للتنسيق بين مختلف الكتل والنواب ضمن آليّة يُتّفق عليها ويوافق عليها الجميع(حيث سبق أن وافق حزب القوات وحزب الكتائب على المبدأ)... وإلّا ستبقي المبادرة صوت صارخ في البريّة يُصدر الصدى والصوت ليس إلّا... التاريخ لن يرحم أي من الكتل والنواب السياديين من عدم التقاط الفرصة وترجمتها الى اسم رئيس تُصوِّت لمصلحته الأكثريّة النيابيّة الجديدة التي يجب ان يكون هدفها الوصول الى السلطة دون خجل وعيب لتنفيذ برنامجها الإصلاحي للخروج من النفق المظلم.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة