ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن "إيران التي تواجه تحديات داخلية وخارجية، تتبنى حالياً لهجة تصالحية، في ظل عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الساحة السياسية، وضعف حزب الله بعد الحرب مع إسرائيل".
وأضافت الصحيفة أن "إيران قد خففت من خطابها العدائي تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل، وبدلاً من ذلك أرسلت إشارات تدل على رغبتها في تقليص التوترات"، ففي منتصف تشرين الثاني، أرسلت إيران مسؤولاً رفيعاً إلى بيروت لحث حزب الله على قبول وقف إطلاق النار مع إسرائيل، كما التقى سفير إيران لدى الأمم المتحدة برجل الأعمال إيلون ماسك، في محاولة للتقارب مع الدائرة المقربة لترامب.
وأشارت الصحيفة إلى أن "إيران كانت على وشك شن هجوم انتقامي كبير على إسرائيل في أواخر تشرين الأول، لكن طهران غيّرت سياستها بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، خاصة مع المخاوف من تصرفاته غير المتوقعة، والتي شملت سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران في ولايته الأولى". إضافة إلى ذلك، فإن "إيران تأثرت بتدمير إسرائيل لحزب الله، وهو أحد حلفائها المهمين، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية الداخلية مثل انخفاض قيمة العملة ووجود أزمة طاقة".
ووفقًا لمسؤولين إيرانيين، فإن هذه التحديات دفعت إيران إلى تغيير سياستها وتخفيف التوترات، حيث علّقت خططها لمهاجمة إسرائيل بعد فوز ترامب، خوفاً من تصعيد التوترات مع الإدارة الجديدة، التي يضم معظم مسؤوليها شخصيات معادية لإيران ومؤيدة لإسرائيل.
من جهة أخرى، أشاد المسؤولون الإيرانيون بتوجهات ترامب المعلنة لإنهاء الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا، ما يعزز آمالهم في العودة إلى مفاوضات مع الإدارة الأميركية حول القضايا النووية والإقليمية.
وأرسلت إيران، قبل الانتخابات الأميركية، رسالة إلى إدارة بايدن أكدت فيها أنها "لا تخطط لاغتيال ترامب"، على الرغم من التهديدات التي وجهتها بعض الدوائر الإيرانية.
كما أعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن ترحيب بلاده بالهدنة بين حزب الله وإسرائيل، مؤكدًا أن "إيران ستحتفظ بحقها في الرد على الهجمات الإسرائيلية لكنها ستأخذ في اعتبارها التطورات الإقليمية، بما في ذلك وقف إطلاق النار في لبنان".
وقالت سنام فاكيل، مديرة الشرق الأوسط في "تشاتام هاوس"، أن "التحول في لهجة إيران يعكس استجابتها للتغيرات التي تشهدها الساحة السياسية في واشنطن، فضلاً عن تطورات المشهد الإقليمي الذي تواجهه"، وأضافت أن "التغير في اللهجة الإيرانية يعكس رغبتها في حماية مصالحها".
وأفادت الصحيفة أن "كبار المسؤولين الإيرانيين قد أبدوا علنًا استعدادهم للتفاوض مع إدارة ترامب بشأن القضايا النووية والإقليمية، وهو ما يمثل تحولًا عن موقف إيران في فترة إدارة ترامب الأولى".
وذكر حسين موسويان، الدبلوماسي الإيراني السابق، أن "إيران تمارس ضبط النفس حاليًا لإعطاء ترامب فرصة للتعامل مع تحديات الحرب في غزة واحتواء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"، وأضاف أنه "إذا نجح ترامب في ذلك، فقد يفتح الطريق أمام مفاوضات أوسع بين طهران وواشنطن".
وحتى الآن، وبعد أكثر من 13 شهرًا من الهجوم الذي شنته "حماس" في 7 تشرين الأول 2023 على إسرائيل، كانت إيران وحلفاؤها في لبنان وسوريا واليمن والعراق قد أصروا على استمرار الهجمات ضد إسرائيل طالما استمرت الحرب في غزة. لكن الخسائر الفادحة التي تكبدها حزب الله أثارت قلق إيران، التي بدأت تراجع سياستها، خاصة بعد ارتفاع الاستياء بين اللاجئين الشيعة اللبنانيين، الذين كانوا ينظرون إلى إيران باعتبارها حاميتهم.
وأشار مهدي أفراز، مدير مركز أبحاث في جامعة باقر العلوم، إلى أن "إيران قللت من تقدير قوة إسرائيل العسكرية، وأن الحرب مع إسرائيل ليست لعبة".
وقال ناصر إيماني، محلل مقرب من الحكومة، أن "هناك رغبة حقيقية بين المسؤولين والشعب الإيراني لإنهاء التوترات مع الغرب والتوصل إلى اتفاق"، معتبرًا أن "التعاون مع الغرب ليس هزيمة بل دبلوماسية عملية يمكن تنفيذها من موقع قوة".
اخترنا لكم



