سيطرت فصائل المعارضة السورية المسلحة، اليوم الخميس، على مدينة حماة، رابع كبرى المدن السورية، في خطوة لافتة تعكس تحولًا مهمًا في الميدان العسكري السوري، وخصوصًا بعد أيام قليلة من السيطرة على مدينة حلب شمال البلاد.
ويعد هذا التقدم مقلقًا للأطراف الإقليمية والدولية التي تراقب عن كثب تطورات الوضع في سوريا، إذ يُعتبر سقوط حماة "أمرًا خطيرًا جدًا" كما وصفه مسؤول لبناني في حديث له مع قناة "العربية"، نظرًا لتداعياته على الأمن في لبنان والمنطقة.
وقال الباحث في العلاقات الدولية محمد نادر العمري في حديثه مع "سكاي نيوز عربية" إن السيطرة على حماة تفتح الطريق أمام التنظيمات المسلحة للسيطرة على مناطق إضافية، وعلى رأسها حمص التي تبعد نحو 48 كيلومترًا عن مركز المدينة.
وأضاف أن "حماة تعتبر نقطة ربط استراتيجية بين الشمال والجنوب والشرق والغرب في سوريا، ومن دونها، سيكون الطريق مفتوحًا أمام الفصائل للتوغل إلى البادية السورية وتهديد طرق الإمداد الحيوية، خصوصًا الطريق الدولي (M5) الذي يربط حلب بدمشق".
كما أشار العمري إلى أن هذه التطورات تهدد بإعادة إطلاق سراح سجناء تنظيم داعش، مما يعزز من وجود التنظيمات الإرهابية في المنطقة.
من الناحية الأمنية، يرى العمري أن هذه السيطرة قد تشكل خطرًا على استقرار المنطقة، حيث قد تسهم في إعادة تنشيط الجماعات الإرهابية واستقطاب المزيد من المقاتلين. أما من الناحية الاقتصادية، فإن قطع الطرق الرئيسية بين الشمال والجنوب سيكون ضربة للاقتصاد السوري، الذي يعتمد بشكل كبير على هذه الطرق في حركة البضائع والتجارة.
على المستوى السياسي، قال العمري إن الدول الداعمة لهذه الجماعات تسعى إلى فرض رؤيتها السياسية على النظام السوري، في ظل محاولات لتطبيق القرار 2254، وتزامن ذلك مع مشاريع عدة، مثل مشروع تركيا لإقامة منطقة عازلة، والمشروع الإسرائيلي لإغلاق الحدود السورية اللبنانية.
وأوضح أنه من المتوقع أن يتصاعد تدخل القوى الدولية في هذا الصراع، حيث ستسعى روسيا وإيران والدول العربية إلى الحفاظ على النظام السوري.
وفي هذا السياق، قالت مصادر في الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل تراقب عن كثب التطورات في سوريا، خاصةً مع التقدم الذي أحرزته فصائل المعارضة باتجاه حمص.
وذكر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي أنه تم عقد جلسة لتقييم الوضع الأمني، حيث تمت مناقشة تهديدات قد تنشأ نتيجة لهذه التطورات، مع التأكيد على استعداد الجيش الإسرائيلي لجميع السيناريوهات، سواء الهجومية أو الدفاعية.
في وقتٍ شددت فيه إسرائيل على أنها لن تسمح بوجود تهديدات بالقرب من حدودها.
تجدر الإشارة إلى أن الصراع في سوريا دخل مرحلة أكثر تعقيدًا بعد سيطرة الفصائل المسلحة على حماة، التي كانت طوال سنوات الحرب خاضعة لسيطرة الحكومة السورية.
ومع استمرار النزاع، يتزايد عدد القتلى والجرحى، حيث تجاوزت الحصيلة أكثر من 800 قتيل، في وقت تم فيه نزوح نحو 110 آلاف شخص إلى مناطق أكثر أمانًا في إدلب وشمال حلب.
هذا التصعيد العسكري الأخير يضيف مزيدًا من التعقيد إلى الحرب السورية التي تستمر منذ عام 2011، حيث تتدخل فيها قوى إقليمية ودولية بشكل مباشر وغير مباشر، ما يجعل من الصعب التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي هذا النزاع.
في ظل هذه المعطيات، فإن الساعات القادمة قد تشهد مزيدًا من التصعيد في ظل تقدم الفصائل نحو حمص، المدينة التي تعتبر ذات أهمية كبيرة للنظام السوري، حيث تشكل جزءًا من خط الدفاع الرئيسي نحو دمشق.
كما أن تواجد الفصائل المسلحة على مقربة من الحدود اللبنانية يعزز المخاوف من تداعيات أمنية قد تشمل لبنان، في وقت تتواصل فيه الضغوط الدولية لتجنب تصعيد جديد في المنطقة.
اخترنا لكم



