أثار وصول الإسلاميين إلى السلطة في سوريا، بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد، قلقاً في مصر، التي شهدت في العقد الأخير تغييرات سياسية كبيرة إثر إسقاط جماعة "الإخوان المسلمين" من الحكم، ومع انتقال السلطة إلى "هيئة تحرير الشام" في سوريا، وهي مجموعة إسلامية متشددة كانت مرتبطة سابقاً بتنظيم "القاعدة"، تشعر القاهرة بقلق من توسع تأثير هذا التغيير على الأمن الإقليمي.
وكانت مصر قد دعمت النظام السوري حتى اللحظات الأخيرة من حكم بشار الأسد، لكن الوضع تغير بشكل مفاجئ في 8 كانون الأول عندما تولت "هيئة تحرير الشام" السلطة في سوريا بعد سقوط الأسد. وقالت ميريسا خورما، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون البحثي في واشنطن، إن الوضع في سوريا يثير مخاوف لدى مصر بسبب تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في البلاد، خاصة في ظل تواجد إسلاميين في السلطة السورية الآن.
ورغم ذلك، سارعت بعض الدول العربية للتواصل مع السلطات السورية الجديدة، في حين اتخذت مصر موقفاً أكثر حذراً، وقد أكدت القاهرة تأييدها لنظام بشار الأسد حتى اللحظات الأخيرة، حيث أشار وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى أنه من المهم أن تقوم السلطات السورية الجديدة بتنفيذ عملية انتقال سياسي شاملة.
وبعد سقوط النظام السوري، كانت تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حذرة، إذ أشار إلى أن "أصحاب البلد" هم من يتخذون القرارات في الوقت الراهن في سوريا. واعتبرت الباحثة ميريت مبروك من معهد الشرق الأوسط أن رد الفعل المصري كان حذراً للغاية، مشيرة إلى أن مصر تعتبر أن هناك "خطوط حمراء" في ما يتعلق بالأمن الداخلي، والإسلاميين، والجهات الفاعلة غير الحكومية.
في الأيام التي تلت سقوط الأسد، اتخذت القاهرة إجراءات احترازية، حيث اعتقلت قوات الأمن المصرية 30 سورياً كانوا يحتفلون بسقوط النظام السابق، وقيدت منح تأشيرات الدخول للسوريين، في خطوة تهدف إلى تجنب تصاعد أي تهديدات للأمن الداخلي. كما بث التلفزيون الحكومي المصري تقريراً يظهر مشاهد من الاضطرابات العسكرية في سوريا، وأكد السيسي في تصريحاته أن الأطراف التي تسببت في الحرب السورية قد تشكل تهديداً للأمن المصري.
أما بالنسبة لـ"هيئة تحرير الشام"، التي وصلت إلى السلطة بعد هجوم خاطف، فقد باتت محط قلق في القاهرة. على الرغم من تعهد "الهيئة" بحماية الأقليات وعدم تصدير الثورة، إلا أن علاقاتها مع تركيا، الحليفة لجماعة "الإخوان المسلمين"، تزيد من مخاوف مصر. هذا التغيير في سوريا قد يعزز نفوذ تركيا في المنطقة، وهو ما يعتبره العديد من الخبراء تهديداً لمصر، نظراً للعلاقات المتوترة بين القاهرة وأنقرة.
على الرغم من ذلك، بادرت القاهرة إلى التواصل مع الإدارة الجديدة في دمشق بعد تطورات الأحداث، حيث أجرت دول الخليج مثل السعودية والإمارات وقطر اتصالات مع السلطات السورية الجديدة. لكن مصر ترى أن أي تقارب مع دمشق يجب أن يتم بشروط، وأكدت ضرورة وجود تقاسم للسلطة لضمان عدم احتكار الإسلاميين للحكم.
في ظل هذه التحولات، فإن مصر تراقب عن كثب التوازن الجيوسياسي في المنطقة بعد سقوط نظام الأسد وتولي "هيئة تحرير الشام" السلطة، مع التركيز على الحفاظ على الأمن الوطني في مواجهة أي تحديات قد تنشأ جراء هذه التطورات.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News