حذر خبراء في شؤون الجماعات الإسلامية من محاولات تنظيم الإخوان المسلمين لزيادة نفوذه السياسي في الأردن، على خلفية الكشف عن مخطط إرهابي وُصف بأنه "أحد أخطر المخططات التخريبية في تاريخ المملكة الحديث". هذا المخطط، الذي تم اكتشافه عبر جهود الاستخبارات الأردنية، يكشف عن تورط خلايا مرتبطة بجماعة الإخوان تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد عبر تصنيع صواريخ وطائرات مسيرة وتخزين أسلحة ومواد متفجرة.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت حساس، بعد أن أعلنت دائرة المخابرات العامة الأردنية عن إحباط مخطط خطير كان يهدف إلى تقويض أمن المملكة. وقد كشفت السلطات الأمنية عن شبكة تضم خلايا تم تدريبها في الخارج، بما في ذلك في جنوب لبنان، ما يشير إلى ارتباطات تتجاوز الحدود الأردنية وتتداخل مع أجندات إقليمية معقدة.
وفقًا للمصادر الأمنية الأردنية، تم القبض على 16 من أعضاء الخلية، وظهرت اعترافات أحد الموقوفين التي أكدت تلقي أموال من أحد قيادات الإخوان في الخارج، يُدعى "عبدالله"، والتي تم استخدامها لتمويل المخطط الإرهابي. كما أشار المصدر إلى أن الأجهزة الأمنية صادرت أسلحة، بما في ذلك صاروخ جاهز للإطلاق، بالإضافة إلى معدات تصنيع طائرات مسيرة ومواد متفجرة.
في تعليقه على هذا التطور الخطير، أكد الكاتب والباحث السياسي محمد خير الرواشدة، في حديثه لـ "سكاي نيوز عربية"، أن هذه العملية تمثل "صيدًا أمنيًا ثمينًا" يشير إلى "اليقظة الأمنية العالية" في المملكة. وأضاف أن الاعترافات التي تم الحصول عليها تؤكد أن "المخطط من البداية إلى النهاية كان من صُنع عناصر جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة". وأشار إلى أن الجماعة وضعت نفسها أمام مساءلات جدية بشأن تبني جناح عسكري أو "ميليشياوي" داخل المملكة، في خطوة "تمسّ مباشرةً الأمن الوطني والسلم الأهلي" للمملكة.
وأشار الرواشدة إلى أن هذا المخطط قد يكون جزءًا من محاولة لإقحام الأردن في صراعات خارجية تحت ذريعة دعم "وحدة الساحات" مع غزة. وقال: "الدعم الأردني للقضية الفلسطينية هو موقف مبدئي وثابت، لكن تحويل الأراضي الأردنية إلى ساحة للصراع أمر لا يمكن قبوله".
من جانبه، اعتبر الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة والإرهاب، منير أديب، أن ما حدث في الأردن ليس جديدًا على تاريخ تنظيم الإخوان، قائلًا: "التنظيم منذ نشأته اعتمد على القوة والعنف، وهذا ما أكده مؤسسه حسن البنا منذ عام 1938".
وأضاف أديب أن ما جرى في الأردن يُظهر "تخادمًا بين الإخوان وحزب الله بدعم إيراني"، حيث تم تدريب عناصر الخلية في جنوب لبنان، وموّلوهم بالمال والتكنولوجيا. وأكد أن هذه الخلية ليست تهديدًا مباشرًا للأردن فحسب، بل تُعد مؤشرًا خطيرًا يجب أن تدركه الدول العربية التي تُراهن على دمج الإخوان في المشهد السياسي.
وتعتبر هذه الحادثة تطورًا خطيرًا في العلاقة بين الدولة الأردنية وجماعة الإخوان، في وقت كانت الجماعة قد استفادت من مساحات الحرية السياسية التي كانت متاحة لها في السابق. ووفقًا للرواشدة، فإن الجماعة لم تحترم الأطر القانونية والدستورية، مشيرًا إلى أن وجود حزب جبهة العمل الإسلامي المرخص، وارتباطه بجماعة غير مرخصة متورطة في مخطط إرهابي، يستدعي مراجعة قانونية شاملة وحاسمة.
من جانبه، شدد كل من أديب والرواشدة على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لضمان أمن الأردن، مؤكدين على ضرورة الفصل بين العمل السياسي المشروع وأي تنظيم يعمل في الظل ويتبنى العنف. وأكد أديب أن "تفكيك أفكار الجماعة من الداخل لا يقل أهمية عن المواجهة الأمنية"، محذرًا من تحول الجماعة إلى مظلة لمجموعة مسلحة تحت عباءة العمل السياسي والدعوي.