أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أنّ الجيش اللبناني يسيطر حاليًا على 85 بالمئة من الجنوب اللبناني، موضحًا أنّ ما يعيق الانتشار الكامل للمؤسسة العسكرية على طول الحدود الجنوبية هو استمرار إسرائيل باحتلال النقاط اللبنانية الخمس وارتكابها خروقات متكرّرة لاتفاق وقف إطلاق النار.
وفي مقابلة له مع قناة "سكاي نيوز عربية" من بيروت، أشار عون إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، والذي تمّ برعاية أميركية وفرنسية، وضع الإطار لعودة الجيش إلى الجنوب، وقال: "رغم محدودية الإمكانات، تمكن الجيش من تثبيت حضوره في أكثر من 85 بالمئة من الجنوب، لكنّ الوجود الإسرائيلي في النقاط الخمس يمنع استكمال الانتشار".
وأضاف: "إسرائيل لا تُقدّم أي مقاربة إيجابية، ولا تملك استراتيجية عسكرية لحماية حدودها الشمالية، وهذا ما يزيد من تعقيد الواقع الحدودي". وكشف أن لبنان تقدّم بطلب إلى واشنطن وباريس، بصفتهما راعيتي الاتفاق، للضغط على إسرائيل بغية الانسحاب من المواقع المحتلة، وإفساح المجال أمام الجيش اللبناني ليصبح الجهة الوحيدة المخوّلة حماية الحدود وفق القرار الدولي 1701.
ولفت عون إلى أن "إسرائيل ارتكبت حتى اليوم أكثر من 3000 خرق للقرار الدولي 1701، آخرها قبل يومين في بيروت، ما يؤكد أن لا خيار أمام لبنان سوى الرهان على المسار الدبلوماسي لفرض احترام الاتفاق، رغم بطء هذا الخيار".
وأكد الرئيس عون أن "الشعب اللبناني تعب من الحرب، ولذا سنلجأ للخيار الدبلوماسي، رغم كونه يأخذ وقتا طويلا".
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن الجيش منتشر على مختلف الأراضي اللبنانية، من الداخل إلى الحدود الشرقية والشمالية والشمالية الشرقية والجنوبية، مضيفًا أنه يؤدي مهامًا متعددة تشمل ضبط الحدود، مكافحة الإرهاب، مكافحة تهريب المخدرات، وحفظ الأمن، فضلًا عن انتشاره في الجنوب رغم محدودية موارده.
وقال إن الجيش يقوم بهذه المهام رغم التأثير الكبير للأزمة الاقتصادية على رواتب العسكريين وقدرتهم اللوجستية، معتبرًا أن "الجيش يبذل جهودًا جبارة في ظل ظروف بالغة الصعوبة".
وشدّد عون على أن قرار ضبط السلاح يسري على كامل الأراضي اللبنانية، لكن الأولوية تبقى للجنوب، حيث يتطلب الوضع هناك إمكانات استثنائية في مجالات الهندسة وإزالة المتفجرات.
وتطرّق الرئيس عون إلى قضية المخيمات الفلسطينية الخارجة عن سلطة الدولة، موضحًا أن هناك ستة مخيمات رئيسية في لبنان، بينها مخيم واحد جنوب بيروت، واثنان في الشمال كانا خاضعين لسيطرة الجبهة الشعبية وقد جرى تفكيكهما مؤخرًا، حيث "تمكّن الجيش من السيطرة عليها، وهي خارج منطقة جنوب الليطاني".
وأوضح أن الدوريات العسكرية تشمل الأراضي اللبنانية كافة، ويتم خلالها مصادرة مخازن سلاح وذخيرة، مع التأكيد أن "التركيز اليوم على جنوب الليطاني لخصوصية المنطقة واتساعها، ولحاجتها إلى جهود متقدمة في مجال إزالة الألغام والتعامل مع الذخائر غير المنفجرة".
وفي ختام حديثه، أشار الرئيس عون إلى أن مواجهة إسرائيل "تتطلب توازنًا استراتيجيًا وعسكريًا، وهو غير متوفر راهنًا"، معتبرًا أن الوجود الدائم للجيش على الحدود هو السبيل لمنع أي حوادث، مطالبًا الدولة بدعم المؤسسة العسكرية، ومراهنة الشعب على دور الجيش باعتباره الضامن الوحيد للسيادة اللبنانية.
حول زيارته المقبلة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ولقائه المرتقب مع رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أوضح عون أنه "لم يسبق له أن تعرّف شخصيًا إلى الشيخ محمد بن زايد، لكنه تلقّى اتصالاً منه يوم انتخابه، حيث هنّأه بحرارة، ومن خلال هذه المحادثة شعر بأنه رجل قريب ومُتجاوِب، لا سيما مع طلب فتح السفارة الإماراتية في بيروت، وقد صدر بيان رسمي بهذا الخصوص وتمت معالجة الموضوع".
وأضاف أن "العلاقة بين لبنان والإمارات ليست وليدة اليوم، بل هي قديمة ومتجذّرة، فهناك إماراتيون يمتلكون منازل في لبنان ومتزوجون من لبنانيين ولبنانيات. وزيارته إلى الإمارات تهدف إلى إزالة الغيمة التي خيّمت على العلاقة بين البلدين، ولتقديم الشكر للرئيس الإماراتي على مواقفه الداعمة واحتضانه للبنانيين، إذ تشير أرقام وزارة الخارجية الإماراتية إلى وجود نحو 190 ألف لبناني يعملون في الدولة، ما يشكل عامل دعم كبير لهم ولعائلاتهم".
وتابع عون، "نأمل إعادة الشراكة ورؤية الاستثمارات الإماراتية مجددًا في لبنان، لأن العلاقة السليمة المبنية على المصلحة العامة قادرة على صناعة المعجزات. ويمكننا النظر إلى التجربة الإماراتية، كيف انطلقت في السبعينات على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأين أصبحت اليوم بقيادة أبنائه الذين تابعوا المسيرة، ما جعل من الإمارات دولة رائدة ومتقدمة. هذه هي النتيجة حين تكون الغاية بناء الدولة وخدمة المصلحة العامة، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على لبنان إذا توفرت الإرادة".
وعن ما إذا كانت الخلفية العسكرية للشيخ محمد بن زايد تسهّل التفاهم معه، قال الرئيس عون: "أعتقد ذلك، فنحن نتحدث اللغة نفسها. ولا شك أنه يتمتع برؤية واضحة، وعِلم، وإرادة قوية، وهذا يظهر في النهضة التي تشهدها الإمارات. ما نسمعه ونقرأه عن تقدمها المستمر هو مصدر إلهام، وشخصية الشيخ محمد بن زايد يمكن التعلم منها كثيراً، إذ أن خلفيته العسكرية تمنحه انضباطًا عاليًا وفعالية في الأداء".