في تطور لافت على صعيد أزمة حرائق الغابات المتواصلة غرب مدينة القدس، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن توقيف 18 شخصاً حتى الآن، للاشتباه في تورطهم بإشعال الحرائق التي التهمت آلاف الدونمات، وأجبرت الآلاف على مغادرة منازلهم.
وخلال كلمته في مسابقة الكتاب المقدّس السنوية التي انعقدت في القدس، كشف نتنياهو أن أحد المشتبهين جرى ضبطه متلبساً أثناء تنفيذ عملية الحرق العمد، مشيراً إلى أن التحقيقات لا تزال جارية مع الموقوفين الآخرين لتحديد ملابسات وخلفيات الحادثة، وسط تصاعد الشبهات حول وجود نية تخريبية وراء بعض هذه الحرائق.
في المقابل، أكدت خدمات الإطفاء والإنقاذ الإسرائيلية أن الأسباب الدقيقة للحرائق لا تزال غير مؤكدة، موضحة أن التحقيقات الفنية مستمرة بالتعاون مع الجهات الأمنية. وكانت تقارير سابقة قد رجّحت فرضية الحريق المتعمد، خاصة مع تكرار اندلاع النيران في عدة نقاط متقاربة زمنياً وجغرافياً.
وقال نتنياهو: "هذه الحرائق ليست بالأمر البسيط، فقد تسببت بأضرار جسيمة للطبيعة والبنية التحتية، وأثّرت بشكل مباشر على السكان. نحن نحتجز حالياً 18 مشتبهاً بضلوعهم في إشعالها، أحدهم تم الإمساك به أثناء ارتكاب الجريمة"، مضيفاً: "أنا واثق بأننا سننجح في السيطرة على هذه الأزمة كما فعلنا في السابق".
لكن، إذاعة الجيش الإسرائيلي نقلت عن مصدر مسؤول في الشرطة الإسرائيلية قوله: "لم يتم اعتقال أي شخص حتى الآن بشبهة إشعال الحرائق في القدس"، موضحًا أن التحقيقات لا تزال جارية ولكن لا توجد أدلة مؤكدة تدعم الادعاءات حول وجود متورطين محددين.
وفي خضم الأزمة البيئية المتفاقمة، ربط نتنياهو بين الحدث وبين أولويات حكومته، قائلاً: "نحن نبذل كل جهد ممكن لإخماد النيران وإعادة تأهيل المناطق المنكوبة، لكن لا نغفل أن هزيمة حركة حماس تظل أولوية تفوق حتى إطلاق سراح الرهائن الـ59 المحتجزين في غزة"، في إشارة إلى استمرار العمليات العسكرية والضغوط السياسية ضد حماس منذ استئناف القتال منتصف آذار الماضي.
وتُظهر المعطيات الميدانية أن الحرائق أدت إلى تدمير نحو 19 ألف دونم من الأراضي الحرجية في محيط القدس، ما أدى إلى إخلاء أكثر من 10 آلاف شخص من عدة مستوطنات غرب المدينة. ولا تزال فرق الإطفاء تواجه صعوبة في السيطرة الكاملة على النيران بسبب الرياح الجافة وارتفاع درجات الحرارة، وسط توقعات باستمرار جهود الإطفاء لعدة أيام أخرى، رغم وصول مساعدات دولية من إسبانيا، فرنسا، وإيطاليا.
وتأتي هذه الكارثة البيئية في وقت حساس بالنسبة لإسرائيل، حيث تشهد البلاد توترات أمنية مستمرة على جبهتي الجنوب والشمال، فضلاً عن الضغط الشعبي والسياسي لإطلاق سراح المحتجزين في غزة، ما يجعل أزمة الحرائق جزءاً من مشهد داخلي أكثر تعقيداً على المستويين الأمني والسياسي.