في زمن تتقدّم فيه المرأة في مختلف ميادين الحياة حول العالم، وتُثبت قدرتها وجدارتها في القيادة والإدارة والإبداع، نُفاجأ في لبنان، وتحديدًا في بلدة أنطلياس - النقاش بولادة لائحة انتخابية برئاسة رئيس البلدية ايلي أبو جودة تخلو تمامًا من أي تمثيل نسائي. لا امرأة واحدة، لا صوت أنثوي واحد، لا مشاركة لأنسة ولا سيدة في لائحةٍ يُفترض أن تعكس تنوّع المجتمع واحتياجاته.
هذا التغييب ليس تفصيلاً، ولا يمكن أن يُبرَّر بأي شكل من الأشكال. بل هو تراجع فادح عن أبسط مفاهيم العدالة والمساواة والمواطنة. إنه تغييب لصوت نصف المجتمع، وإلغاء لدور المرأة في الشأن العام، في منطقة لطالما تميّزت بانفتاحها وحضارتها وثرائها الثقافي.
أنطلياس - النقاش ليست مجرد بلدة، بل هي نموذج مصغّر عن لبنان التعددي، وهي بالتالي مطالبة بأن تكون في طليعة التغيير، لا أن تتراجع إلى الوراء وتُقصي النساء من موقع القرار. كيف نُقنع الأجيال الصاعدة بأهمية المشاركة والانخراط في الشأن العام، إن كنا لا نمنح نساءنا هذا الحق البديهي؟ كيف نتحدث عن إصلاح وتمكين وتنمية محلية، في ظل غياب متعمَّد لصوت النساء، اللواتي أثبتن في تجارب كثيرة أنهن قادرات على قيادة البلديات والوزارات والقطاعات بنجاح وتميّز؟
ما جرى هو ليس فقط خطأً فادحًا، بل هو صدمة تستدعي تحرّكًا واسعًا من قبل منظمات المجتمع المدني، وناشطي حقوق الإنسان، وكل من يضع المساواة بين الجنسين في صلب مشروعه الوطني.
كما أن هذه الواقعة تستوجب مساءلة الجهات الرسمية، وفي مقدمتها وزارة الداخلية، حول مدى التزامها بتشجيع التنوّع داخل اللوائح، وضرورة وضع حوافز أو شروط تحفّز على إشراك النساء في العمل البلدي. فالمشاركة لا يجب أن تُترك للصدف، بل يجب أن تُحمى بالقانون والعرف والوعي.
هذه الفضيحة أثارت غضب أهالي أنطلياس، نساءً ورجالًا، كبارًا وصغارًا،وسوف يعيدوا النظر في خياراتهم، ويطالبوا بلائحةٍ تُمثّلهم جميعًا، لا نصفهم فقط، لأن التمثيل ليس ترفًا، بل حقٌّ وواجب. فهل سيشطب اهالي انطلياس - النقاش لائحة ايلي ابو جودة كما قام هو بشطب المرأة وحرمها من المشاركة في العمل البلدي؟
الـــمــــزيــــــــــد
