مع اتضاح صورة المشهد الإنتخابي في العاصمة بيروت، تأكد أن الإنتخابات البلدية ستشهد تنافساً محتدماً بين أربعة لوائح، ليست أيّ منها "توافقية".
لائحتان لقوى "التغيير" وثالثة تتمثل فيها الأحزاب والنائب فؤاد مخزومي وجمعية "المشاريع"، ورابعة تنطلق من تحالفٍ بين "الجماعة الإسلامية" والنائب نبيل بدر.
هذا التشرذم السياسي بين المكوّنات البيروتية يعزّز الخشية من عدم التمكن من تأمين المناصفة الفعلية بين المسلمين والمسيحيين في مجلس بلدية بيروت، وهو ما يشكّل أحد ركائز التوازن الوطني في العاصمة، إذ سيكون من المستحيل أن تنجح إحدى هذه اللوائح في استقطاب الجزء الأكبر من الرأي العام البيروتي بمختلف طوائفه ومذاهبه، وبالتالي لن تنجح في الفوز بكامل المقاعد، ما يفتح الباب أمام توزيعٍ غير متوازن للنتائج سيُخلّ بالصيغة التوافقية التي لطالما حافظت عليها العاصمة.
ويعود هذا الواقع إلى فشل القوى السياسية والدينية والإجتماعية في التوصل إلى تشكيل لائحة موحّدة، تضمن التمثيل المتوازن وتحمي مبدأ المناصفة.
فلكل فريق حساباته السياسية والبلدية الخاصة به، ولكل جهة أجندة تختلف عن الأخرى، هذا كله بالإضافة إلى أن الإنتخابات البلدية في بيروت تعتبر "بروفا" للإنتخابات النيابية القادمة بعد عام.
كما يسجَّل أيضاً غياب تام لأي حملات توعية أو إرشاد عام يحثّ الناخبين على التصويت ضمن معايير تحافظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وتمنع الإنجرار وراء الإنقسامات الطائفية والمذهبية، ما يترك الساحة مفتوحة أمام الخطابات الشعبوية والحسابات الفئوية.
ومع تفاقم هذه الأزمة، تُطرح فرضيات مقلقة، من بينها احتمال استقالة الأعضاء المسيحيين من المجلس المُنتخب في حال اختلال التوازن، وهو سيناريو من شأنه أن يضع مجلس بلدية بيروت أمام مصير مجهول، ويفتح الباب أمام أزمة ميثاقية وسياسية على مستوى العاصمة.
فالمناصفة اليوم ليست مهددة نظرياً فحسب، بل باتت فعلياً في مهب الريح.