عقد في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لقاء حواري تشاركي مع وزير المالية ياسين جابر، بدعوة من رئيس المجلس شارل عربيد، حيث تم التطرق إلى مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وخطة إصلاح القطاع المالي. اللقاء شهد حضور عدد من الشخصيات الاقتصادية والنيابية البارزة، منهم رئيس لجنة الاقتصاد النائب فريد البستاني، رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، وأعضاء آخرين من المجلس الاقتصادي والهيئات الاقتصادية.
بعد اللقاء، عبر رئيس المجلس الاقتصادي، شارل عربيد، عن سعادته بلقاء وزير المالية، مشيرًا إلى العلاقة المستمرة بين المجلس ووزارة المالية. وأكد عربيد أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تسير بشكل إيجابي ومطمئن، مشددًا على ضرورة الإسراع في معالجة ملفات إصلاح القطاع المالي، وخصوصًا ملف الودائع الذي يعتبره أساسيًا لمصلحة المواطنين.
وأشار عربيد إلى أن المودعين يجب أن يعرفوا مصير ودائعهم في أسرع وقت، مؤكدًا أن معالجة هذه القضية ستسهم في تسهيل الوضع الاجتماعي في لبنان وتعزيز الثقة بين المواطنين. كما ركز عربيد على ضرورة معالجة قضية التهريب والاقتصاد الموازي، مشددًا على أنه لن يمكن إصلاح الوضع الاقتصادي دون معالجة هذه القضايا بشكل جذري.
كما تحدث عن أهمية إعادة الإعمار، مشيرًا إلى أن إعادة بناء المؤسسات والمنازل سيكون له أثر كبير على استعادة النشاط الاقتصادي في البلاد.
بدوره، قال جابر: "أكدنا في موضوع المصارف أن هذه الحكومة هي أول من اتخذت المبادرة من خلال إقرار القوانين الضرورية، ومنها قانون رفع السرية المصرفية أمام مصرف لبنان ولجنة الرقابة الذي أُقر في 24 نيسان. وأوجه الشكر لرئيس مجلس النواب نبيه بري والنواب الذين أقروا هذا القانون بأغلبية كبيرة، ما أرسل إشارة ثقة بأن المجلس النيابي يؤيد مشروع الحكومة الإصلاحي. وهذه الإشارة مهمة جدًا للخارج، لأن الذين كنا نتفاوض معهم كانوا يؤكدون أنه لا يكفي أن تقوم الحكومة بإقرار المشاريع، بل يجب أن يشارك لبنان، ويمثله المجلس النيابي".
وأضاف، "اليوم، أرسلنا قانون إعادة تنظيم العمل المصرفي إلى المجلس النيابي، وهو الآن في يد اللجان والمجلس لإقراره. نأمل أن يسير هذا الأمر بسرعة لأنه سيسهم في اتخاذ الخطوات الضرورية لمعالجة أوضاع المصارف. نؤكد أننا من خلال هذه القوانين لا نسعى إلى ضرب القطاع المصرفي، بل على العكس، نحن نسعى لإحياء هذا القطاع في لبنان، فلبنان يحتاج إلى قطاع مصرفي فاعل وناشط وسليم من أجل استعادة النشاط الاقتصادي والخروج من اللائحة الرمادية، فضلاً عن إعادة الأموال الموجودة في المنازل إلى المصارف لتكون في خدمة الاقتصاد اللبناني وتحقيق النمو الاقتصادي".
وفيما يتعلق بالمودعين، أشار جابر إلى أن "حاكم مصرف لبنان تحدث أمام اللجان النيابية والهيئات الاقتصادية عن بدء الإعداد لدراسة أوضاع الودائع في المصارف المختلفة. بناءً على المعطيات التي ستُحضر، يمكن أن يقوم مصرف لبنان بالتعاون مع الحكومة اللبنانية بإعداد مشروع لمعالجة الفجوة المالية وتنظيم إعادة أموال المودعين إليهم". وأكد أن "هذا الأمر لن يتم بشكل فوري، بل سيكون على مراحل، ولكن الأهم هو أن يعرف المودع ما هو مستقبل وديعته في المصرف الذي يتعامل معه".
وعن موضوع التهريب، قال: "هناك عمل جاد لمعالجة القضايا الجمركية، من خلال الكشف المسبق عن الشحنات وتركيب آلات 'سكانر' جديدة وحساسة جدًا في مختلف المنافذ الحدودية للحد من التهرب الجمركي".
كما أضاف جابر، "نعمل على موضوع الضرائب كما أعلنت في العديد من التصريحات السابقة. الأولوية اليوم هي لمكننة كل الإدارات، بدءًا من وزارة المالية، لأن من خلال المكننة يمكننا معالجة الكثير من قضايا التهرب الضريبي وغيرها. نعمل على ذلك ونأمل في وقت قريب أن نتمكن من معالجة هذه الأمور".
وأكد أنه "لا توجد زيادات ضريبية، ولكن هناك سعي جاد لتحصيل كل الضرائب المستحقة على كل عامل في لبنان. وسنعمل على أن يكون لكل شخص يعمل في لبنان رقم مالي خاص به. بعد الانتخابات البلدية، ستساعدنا البلديات الجديدة في التأكد من هذا الموضوع، بحيث سيكون هناك رقم مالي لكل فرد في كل بلدة ومدينة".
وكشف جابر أن "وزارة التنمية الإدارية تعمل حاليًا على تأمين قرض كبير لمعالجة الأمور التي يجب أن تكون 'أون لاين' في مختلف المؤسسات، مثل سجلات النفوس وغيرها، بحيث يكون لكل مواطن رقم خاص به".
واختتم جابر مشيرًا إلى أن "المجلس الاقتصادي اليوم شريك حقيقي، سواء بالنسبة للحكومة أو للمجلس النيابي في دراسة القوانين، ونأمل سويًا أن نتمكن من تحقيق التقدم الاقتصادي المطلوب في المرحلة المقبلة".
وفي كلمة مقتضبة، أثنى النائب فريد البستاني على زيارة جابر الأخيرة إلى واشنطن، مشيدًا بالدعم الذي يقدمه المجلس النيابي للإصلاحات المالية. وطلب البستاني من جابر تسليط الضوء على الإصلاحات التي تم العمل عليها، مؤكدًا أهمية إقرار قانون الفجوة المالية ومعرفة كيفية استرداد أموال المودعين.