في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أوضح الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان أن عجلة المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران قد انطلقت فعلياً، وهناك أرضية يتم العمل عليها في المرحلة الأولى.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها الرئيس دونالد ترامب، كانت قد أعلنت بوضوح أن واشنطن لن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي، في المقابل، تؤكد طهران أنها لا تسعى أساساً إلى امتلاك هذا السلاح، ما يشكّل نقطة توافق جوهرية بين الطرفين، وتُعتبر هذه النقطة الأساس الذي يقوم عليه الحراك التفاوضي.
وأضاف شومان أن هناك ملفات أخرى مطروحة على طاولة التفاوض، أبرزها:
-حجم اليورانيوم المخصّب الموجود في إيران، وما إذا كان سيبقى داخل البلاد أم يُنقل إلى دولة ثالثة ، وعلى المرجّح أن يتم التوافق على نقله إلى روسيا. وقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن إيران مستعدة لاستقبال اليورانيوم المخصّب.
-أجهزة الطرد المركزي: بعد انسحاب الولايات المتحدة السابقمن الاتفاق النووي في عهد ترامب، زادت إيران من عدد أجهزة الطرد المركزي. وهنا يتركز التفاوض حول عدد الأجهزة التي ستُبقي عليها إيران، والعدد الذي تقبل به الولايات المتحدة.
- تطبيع العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وطهران: وهي نقطة محورية، تُناقش من حيث كيفية إعادة تفعيلها في حال التوصل إلى اتفاق، مشيراً الى ما كتبه وزير الخارجية الإيراني في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، حيث أشار إلى أن التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة سيفتح أمام واشنطن فرصة استثمارية قد تصل قيمتها إلى تريليون دولار داخل إيران.
وأضاف شومان: "من وجهة نظر طهران، هذه الصفقة قد تكون مفيدة للطرفين ، فهي تعود بالفائدة على الاقتصاد الإيراني، وتمنح الولايات المتحدة منفذاً استثمارياً كبيراً".
وأشار إلى نقطة إضافية ترتبط بالأموال الإيرانية المجمّدة في الخارج، والمقدّرة بحوالي 150 مليار دولار. وأوضح أنه "من المرجّح أن يتم التوصل إلى تفاهم حول هذه الأموال، بحيث يُفك الحجز عنها مقابل شراء إيران لتقنيات أميركية حديثة، ولا سيما لتحديث أسطولها المدني الجوي”.
واعتبر شومان أن هذه نقطة رابعة من مرتكزات المفاوضات ، إلى جانب الثلاث قضايا الاخرى وهي حجم اليورانيوم المخصّب، عدد أجهزة الطرد المركزي، ومستقبل العلاقات الاقتصادية بين الطرفين.
لكنه شدد على أن العامل المقلق في المشهد التفاوضي اليوم يتمثل في الموقف الإسرائيلي، قائلاً: "من الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحرك خارج إطار التنسيق الكامل مع واشنطن، إذ لم تُبلِغه الإدارة الأمريكية مسبقاً بأنها منخرطة في مفاوضات مع إيران".
وأردف: "مساحة التباين بات كبيراً، ولا يقتصر على الملف الإيراني، بل يشمل أيضاً اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين، حيث لم تُطلع واشنطن تل أبيب على خطواتها. في المقابل، يرى نتنياهو أن مركز القرار الإقليمي يجب أن يكون في تل أبيب، بينما تعتبر الإدارة الأميركية، سواء الحالية أو حتى في عهد ترامب، أن القرار يجب أن يصدر من واشنطن".
ورجّح شومان عنده ان "تتسع الهوة بين الطرفين قد تدفع نتنياهو إلى القيام بعمل عسكري أحادي الجانب ضد إيران، في محاولة لإفشال المفاوضات الجارية. لكن في حال أقدم على ذلك دون تنسيق أو غطاء أميركي، فإن علاقته بواشنطن قد تتعرض لانتكاسة شديدة".
وعن إنعكاس المفاوضات على لبنان والمنطقة يوضح أنه إذا تعقّدت المفاوضات، فبدون شك، سيكون المناخ سلبياً على لبنان. وإذا انفَرَجَت أو فُتِحت أبواب التفاوض، فبدون شك، سيترك الأمر مناخاً إيجابياً، ليس فقط في لبنان، بل أيضاً في المنطقة وفي الشرق الأوسط.
لكنه ينبّه إلى أن حلفاء إيران أو الحضور الإقليمي لإيران هم خارج إطار التفاوض. ومن الواضح تماماً أن الأمريكيين أقرّوا بذلك ووافقوا عليه.
ويحذر من الافراط بالتفاؤل اذا نجحت المفاوضات لأن المناخ الايجابي قد لا يعم المنطقة فالمفاوضات النووية شيء، وحضور إيران الإقليمي شيء آخر، وعلاقاتها أيضاً مع حلفائها الإقليميين هي أمور مختلفة. وفي حال وجود مناخ إيجابي، الا ان ذلك لا يطرد كل عوامل التعقيد في المنطقة إطلاقاً.