أشارت لجنة برلمانية بريطانية إلى أنّ المئات ممن قاتلوا في صفوف تنظيم "داعش" وعادوا إلى البلاد، لم تتم محاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها، مطالبةً بمقاضاتهم.
وذكرت اللجنة أن أكثر من 400 شخص يُعتقد أنهم انضموا إلى التنظيم في منطقة الشرق الأوسط، ثم عادوا إلى الأراضي البريطانية، من دون أن يواجه أيٌّ منهم محاكمة على ما اقترف من جرائم.
وكان "داعش"، الذي سيطر في وقت من الأوقات على مناطق واسعة في سوريا والعراق، مسؤولًا عن ارتكاب أعمال عنف واسعة النطاق، شملت القتل والاغتصاب، واستهدفت خصوصًا الأقليات الدينية مثل الطائفة الإيزيدية.
وتشير التقديرات إلى أن التنظيم قتل ما يقارب 5000 من الإيزيديين، فيما تسبب في تهجير أكثر من 200000 آخرين من منازلهم.
وأفادت اللجنة البرلمانية المشتركة لحقوق الإنسان في تقريرها، بأن أيًّا من أنصار التنظيم العائدين إلى المملكة المتحدة لم يُحاكم على الجرائم المرتكبة.
ودعت اللجنة الحكومة إلى اتخاذ تدابير تُمكِّن من محاكمة هؤلاء الأشخاص أمام القضاء البريطاني، بدلًا من إحالة قضاياهم إلى المحاكم العراقية أو السورية، حيث ارتُكبت الجرائم.
وأشارت إلى أن الحكومة صرّحت في وقت سابق بأن "أفضل طريقة للتعامل مع مثل هذه الجرائم هي التحقيق فيها ومحاكمتها بموجب القوانين المحلية"، إلّا أنّ البرلمانيين اعتبروا أن احتمالية حدوث ذلك في دول الشرق الأوسط التي شهدت نشاط التنظيم تبقى ضعيفة للغاية.
وفي هذا السياق، شدد تقرير اللجنة على أنّ "المملكة المتحدة، متى ما كانت لديها ولاية قضائية على الجرائم الدولية، ينبغي عليها السعي للتحقيق والمقاضاة".
وقالت اللجنة إن هناك "عقبة رئيسية" تحول دون تطبيق العدالة في ما يخص جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وتتمثل في أنّ القانون البريطاني لا يسمح بمحاكمة شخص على مثل هذه الجرائم، إلا إذا كان من المواطنين البريطانيين، أو من المقيمين، أو من الخاضعين لقوانين الخدمة العسكرية.
ودعت اللجنة الوزراء إلى استغلال مشروع قانون الجريمة والشرطة، الذي يُناقش حاليًّا في البرلمان، لتعديل هذا القيد القانوني، بما يضمن تقديم أي شخص يُشتبه في ضلوعه بجرائم إبادة جماعية أو جرائم حرب إلى العدالة في المملكة المتحدة.
كما طالبت اللجنة بتحسين التنسيق بين دائرة الادعاء الملكي والضباط المتخصصين في التحقيق في جرائم الإبادة الجماعية، لضمان الحفاظ على الأدلة وعدم فقدانها.
وقال اللورد ألتون، رئيس اللجنة، إن "هذا الملف ليس شيئًا يمكن للمملكة المتحدة أن تغسل يديها منه لمجرد أن الجرائم وقعت خارج حدودها. فنحن نعلم أن مواطنين بريطانيين ارتكبوا فظائع غير مسبوقة في العراق وسوريا تحت حكم داعش، ومن واجبنا أن نضمن تقديمهم إلى العدالة".
وأضاف: "حتى الآن، لم تتم محاكمة أيٍّ من مقاتلي داعش بنجاح في المملكة المتحدة على جرائم دولية، ونرى أن هذا أمر غير مقبول".
وأشار التقرير أيضًا إلى الحاجة الملحة لمزيد من الشفافية بشأن كيفية استخدام الحكومة لصلاحياتها في إسقاط الجنسية عن المواطنين البريطانيين بسبب ارتباطهم بتنظيم "داعش".
كما دعت اللجنة إلى بذل المزيد من الجهود لإعادة الأطفال البريطانيين المحتجزين في معسكرات شمال شرق سوريا، حيث وصفت الظروف هناك بأنها "مزرية".