تتواصل المساعي الدبلوماسية لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، في ظل التوترات الأمنية التي شهدتها المناطق الحدودية في الفترة الأخيرة. وفي هذا الإطار، دخلت المملكة العربية السعودية وفرنسا على خط الوساطة، وسط دعم دولي متنامٍ لتثبيت الاستقرار بين البلدين.
فمنذ أكثر من شهرين، وقّع وزيرا الدفاع في كلّ من لبنان وسوريا اتفاقاً في جدّة، برعاية سعودية، تناول مسألة ترسيم الحدود وتعزيز التنسيق الأمني. وفي تطور لافت، نظّمت باريس لقاء عبر تقنية الفيديو بين رئيس الجمهورية جوزاف عون والرئيس السوري أحمد الشرع، خلال زيارة عون إلى فرنسا نهاية آذار الماضي، حيث دعا الرئيس عون دمشق إلى التنسيق لضبط الحدود.
وذكرت مصادر دبلوماسية فرنسية لموقعي "العربية.نت" و"الحدث.نت"، أن فرنسا سلّمت مؤخراً وزارة الخارجية اللبنانية خرائط تاريخية تعود إلى فترة الانتداب الفرنسي، توضح النقاط الحدودية بين لبنان وسوريا. وتهدف هذه المبادرة إلى تسهيل عملية تثبيت الحدود والإسهام في ضبط المعابر غير الشرعية وتعزيز انتشار الجيش اللبناني.
وأوضحت المصادر أن "إرساء الاستقرار على الحدود يصبّ في مصلحة البلدين"، مؤكدة حرص باريس على استمرار التواصل بين بيروت ودمشق لتجنّب أي تصعيد أمني جديد.
وفي سياق متّصل، كشفت المصادر أن لبنان طلب من فرنسا أن تشمل الخرائط النقاط الحدودية المشتركة في الجنوب، بما فيها مزارع شبعا، المحتلّة حالياً من قبل الجيش الإسرائيلي. وأشارت إلى وجود تباين في المواقف بين بيروت ودمشق حيال هوية المزارع، ما يعزّز أهمية إطلاق مسار تفاوضي لحل هذا الخلاف الحدودي، لا سيما بعد تسليم الوثائق ذات الصلة إلى الأمم المتحدة.
على الصعيد الأمني، أكّدت مصادر أمنية لبنانية أن الجيش اللبناني أقفل أكثر من 100 معبر غير شرعي على الحدود مع سوريا، ضمن جهود لوقف التهريب. إلا أن المهرّبين يعاودون فتح بعض المعابر، مستفيدين من تضاريس المنطقة الوعرة التي تعيق ضبط الحدود بشكل كامل.
جنوباً، يواصل الجيش اللبناني تنفيذ القرار 1701 جنوب الليطاني، وتثبيت الاستقرار في المنطقة. ولفتت المصادر إلى أن الجيش صادر ذخائر تعود إلى حزب الله، مشيدة بتعاون عدد من الأهالي الذين أبلغوا القوى الأمنية بوجود أسلحة تحت منازلهم من دون علمهم.
النزاع الحدودي بين لبنان وسوريا يعود إلى عقود، نتيجة غياب المعالجة الجدية من قبل النظام السوري السابق والحكومات اللبنانية المتعاقبة. غير أن تطورات الأشهر الأخيرة تشير إلى توفّر ظروف ملائمة لحل هذا الملف، في ظل تشجيع دولي متزايد على إطلاق مفاوضات مباشرة لحسم النزاع الحدودي.