أكد رئيس الحكومة نواف سلام، في كلمة ألقاها خلال حفل تسليم جائزة "صنّاع السلام" للرئيس الفلسطيني محمود عباس، بدعوة من أكاديمية هاني فحص للحوار والسلام، أنّ ذكرى المفكّر الراحل هاني فحص لا تنفصل عن مسيرته الحوارية والوطنية التي رفضت استحضار الماضي كصراع دائم، وراهنت على المصالحات الواقعية بين اللبنانيين والفلسطينيين، وبين الانتماء الطائفي والهوية الوطنية.
وقال سلام: "كلّما استعدت بالذاكرة صورة العزيز هاني فحص، أراه كما وصفه محمود درويش، 'كالماشي تحت المطر... في شتاء آخر'. لم يختصر فحص الأيّام في الأحداث القاسية، ولم يعِش نزاعاتها كأنها عداوات أبدية، بل أحسن النظر إلى العلاقة بين لبنان وفلسطين، مؤكدًا أن فلسطين تجمعنا من أجل لبنان، لا على حسابه".
وأشار إلى أنّ هاني فحص كان رائدًا في تحقيق مصالحة مبكرة بين اللبنانية والعروبة، رغم هشاشتها لدى بعض القوى السياسية، كما عمل على التوفيق بين الولاء الطائفي والانتماء الوطني، من دون أن ينحاز إلى العصبيات أو يسقط في سطوة الانغلاق الحزبي. وكان الحوار بالنسبة له، كما أضاف سلام، قيمة عملية وأخلاقية، لا ترفًا شكليًا، بل مسارًا شجاعًا للمصارحة والتصالح.
وتابع رئيس الحكومة أنّ فحص أدرك مبكرًا أن المصالحة اللبنانية – الفلسطينية الحقيقية لا تتحقق إلا من خلال نقد ذاتي مشترك، وقد تُوّج ذلك بـ"إعلان فلسطين في لبنان"، ما مهّد الطريق للمصالحة الفعلية التي يعمل الرئيس محمود عباس على ترسيخها وصونها.
وتوجّه سلام بتحيّة إلى الرئيس عباس، معتبرًا أنه يتمتع برؤية سياسية متّزنة، تنطلق من فهم دقيق للتوازنات الإقليمية والدولية. وأشاد بتحوّله من نهج الثورة إلى مفهوم الدولة، متمسكًا بخيار الحلّ السياسي العادل القائم على حلّ الدولتين ورفض العنف، ورافضًا كل أشكال التسليح أو عسكرة المخيمات.
ولفت إلى أنّ الرئيس الفلسطيني كان حاسمًا في رفض التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية، لا سيما لبنان والكويت، واحترامه لمبدأ السيادة ورفضه لأي وجود مسلح خارج إطار الدولة.
وختم سلام قائلاً: "نختلف أو نتفق، لكن لا يمكن إنكار ثوابت الرئيس محمود عباس، الذي حرص على أن يكون الوجود الفلسطيني في لبنان عنصر استقرار، لا توتير. ونحن، في هذه المناسبة، نقدّر هذه المواقف، ونبني عليها لمصلحة الشعبين اللبناني والفلسطيني".
الـــمــــزيــــــــــد
