قال نائب الرئيس التركي جودت يلماز إن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "لا تعترف بأي حدود أخلاقية أو قانونية"، مؤكداً أن "إسرائيل تسعى إلى خلق منطقة غير مستقرة"، في حين أن الواجب الحقيقي يتمثل في بناء بيئة مستقرة في المنطقة بأسرها. وأضاف، في مقابلة خاصة مع موقع الجزيرة نت، أن "العالم اليوم أمام مشهد غير إنساني بكل ما للكلمة من معنى في قطاع غزة"، حيث تواصل إسرائيل ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية أمام أنظار العالم أجمع".
وفي ما خص الشأن السوري، شدّد يلماز على أن "الشعب السوري دفع ثمناً باهظاً جراء الصراعات ويستحق بيئة مستقرة وآمنة"، لافتاً إلى أن تركيا تبذل قصارى جهدها لتحقيق ذلك، رغم ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات تخلّ بالاستقرار وتضرّ بمسار إعادة الإعمار. وأكد أن تركيا لا تزال تتحرك على كل المنصات الدولية للتصدي لهذه الانتهاكات، وأن استقرار سوريا يصب في مصلحة المنطقة بأسرها، بما فيها تركيا.
المقابلة التي أجراها الصحافي كمال أوزتورك تناولت ملفات عدّة في مقدمتها الأوضاع في غزة وسوريا، والاجتماع الرباعي المفاجئ الذي جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس السوري أحمد الشرع، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتركي رجب طيب أردوغان، إلى جانب الأوضاع الاقتصادية في تركيا وموقف أنقرة من النظام العالمي والتجارة الدولية، وملف حزب العمال الكردستاني.
بخصوص العلاقات السورية – التركية، أشار يلماز إلى أن سوريا بلد ذو أهمية كبرى بالنسبة إلى تركيا، نظرًا إلى حدودها الطويلة معها وروابطها التاريخية، وأكد أن تركيا تولي أهمية لبناء الثقة وصون وحدة الأراضي السورية. وأوضح أن بلاده مستعدة لتقاسم خبراتها مع سوريا في عملية إعادة الإعمار، انطلاقًا من إيمانها بأن استقرار سوريا يعزز أمن المنطقة ورفاهيتها.
وفي ما يتعلق بتعامل تركيا مع "وحدات حماية الشعب" الكردية، شدد نائب الرئيس التركي على أن مستقبل سوريا يجب أن يكون شاملاً ويعتمد على مبدأ المواطنة المتساوية لكل المكونات، وأن التحدي الرئيسي يكمن في تقوية الحكومة المركزية، مع رفض أي مسارات تؤدي إلى الانقسام أو التدخل الخارجي، مؤكدًا أن "أي مجموعة تضع نفسها في خانة الأقلية لن تجني سوى الصراعات الداخلية".
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت إسرائيل تلعب دورًا في تعنّت هذه الوحدات، قال يلماز: "قد تكون هناك قوى، في مقدمتها إسرائيل، ترى مصلحتها في إبقاء سوريا في حالة صراع داخلي يجعلها عرضة للتدخلات، لكن هذه الرؤية لا تخدم الشعب السوري بأي شكل".
أما في شأن الاجتماع الرباعي الذي جرى في الرياض، فكشف يلماز عن تفاصيل اللقاء الذي جمع محمد بن سلمان، والشرع، وترامب، بمشاركة أردوغان عبر الاتصال المرئي، واصفًا اللقاء بأنه "نموذج ممتاز للتعاون الإقليمي"، خصوصاً أن ترامب أعلن خلاله استعداد بلاده لرفع العقوبات عن سوريا استجابة لتوصية أردوغان، وهو ما وصفه يلماز بأنه تطور مفصلي سيُسهم في إعادة إعمار سوريا بشكل أسرع ويُحسّن مناخ الاستثمار.
وختم نائب الرئيس التركي بالإشارة إلى أهمية إعادة الإعمار كشرط ضروري لتحقيق الأمن، قائلاً إن "رفع العقوبات يُعدّ خطوة بالغة الأهمية، لأنه يمهّد الطريق أمام الاستثمارات الحكومية والخاصة، ويُنعش بيئة الأعمال"، لافتًا إلى أن الشعب السوري لا يمتلك فقط ثقافة التعايش بل أيضًا روح المبادرة وريادة الأعمال.