أكد وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي التمسك باحتكار الدولة اللبنانية للسلاح، وردّ على أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم حول معادلة “جيش وشعب ومقاومة” قائلاً: “يستطيع أن يقول ما يشاء، إنما الشعب اللبناني لم يعد يريد هذه الثلاثية الخشبية، انتهى”، مؤكداً “أن الدولة اللبنانية لا تفاوض على سيادتها، وهذا تنظيم مسلح خارج عن القانون وليس شرعيًّا”.
وفي حديثٍ لـ"القدس العربي" قال رجّي: “مهما قلت، يريدون التهجم عليك لسبب معين، أن ما تقوله لا يعجبهم. لا يريدون أن تتم حصرية السلاح في البلد مهما كان، هذا هو السبب”، واستطرد مستعيناً بالمثل اللبناني: “عم يحكوا الجارة حتى تسمع الكنّة”. يضعون هذا الحد حتى لا يفكر أحدٌ بتخطّيه، في رأيهم لا رئيس الحكومة ولا رئيس الجمهورية”.
وأكد رجي أن “الجليد انكسر مع الدول العربية والخليجية”، آملاً “أن تكون العلاقات عادت إلى أفضل أحوالها”، مرحّبًا “بمواقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس واحترامه سيادة الدولة اللبنانية، وأن تكون المخيمات بعهدة القوى الأمنية اللبنانية”، موضحاً أن “لا تاريخ محددًا بعد لزيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى لبنان، إنما على الأرجح من الآن لغاية أسبوعين”، وقال: “ليس هناك استياء أميركي من بطء لبنان في اتخاذ القرارات، إنما يقولون: لديكم نافذة، عليكم الاستفادة منها”، واعدًا بإنجاز التشكيلات الدبلوماسية في غضون أسابيع قليلة.
وفي ما يلي وقائع الحوار الذي أجرته “القدس العربي” مع وزير الخارجية يوسف رجي:
يؤكّد وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي أنّ التشكيلات الدبلوماسية تسير بخطى ثابتة، متوقعًا إنجازها خلال أسبوعين أو ثلاثة، رغم بعض التأخير اللوجستي والإداري الناتج عن تواقيع تأخرت ومرت بمجلس الخدمة ووزارة المالية، مشيرًا إلى أنّ البيروقراطية الإدارية تُعدّ سببًا أساسيًا لهذا التأخير. ولفت إلى أنّ التشكيلات بطبيعتها عملية معقدة، إذ تشمل 200 دبلوماسي من ضمنهم 85 رئيس بعثة، موضحًا أنّ آخر تشكيلات أُنجزت تعود إلى ثماني سنوات. وأضاف أنّه حتى في الظروف الطبيعية، كانت التشكيلات تحتاج بين 8 أشهر وسنة ونصف، مشددًا على أن الوزارة الحالية لم يمضِ عليها أكثر من خمسة أسابيع، ما يعني أن العملية تسير بوتيرة سريعة، وإذا صدرت التشكيلات في الأسابيع المقبلة فإن الوزارة تكون قد أنجزتها في وقت قياسي.
رجّي أوضح أن هذه التشكيلات لا تحتاج إلى آلية تعيينات كالتي تطبَّق في قطاعات أخرى، بل تشمل قطاعات مستثناة من الآلية، كالسلك الدبلوماسي والقضاء والأمن والعسكر. وأشار إلى أن عدد رؤساء البعثات معروف، وأن المرشحين لهذه المواقع لا يدخلون حديثًا إلى الإدارة بل أمضوا سنوات طويلة في السلك، وبالتالي لا مجال لاختيار أسماء من خارج الإطار القائم.
وفي ما يتعلّق بأسماء السفراء في العواصم البارزة كواشنطن وباريس والأمم المتحدة والرياض والدوحة، كشف رجّي أنّ التصوّرات بشأنها أصبحت منتهية عمليًا.
على صعيد العلاقات الخارجية، اعتبر وزير الخارجية أنّ العلاقات اللبنانية – الخليجية عادت إلى أفضل أحوالها، مشيرًا إلى أنّ هذه العودة لم تأتِ بفضل جهوده فقط، بل نتيجة تضافر الجهود بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء المعنيين. وأكد أنّ العرب أعادوا فتح أبوابهم أمام لبنان، واستقبلوا الوفود الرسمية اللبنانية، مشيرًا إلى وجود بوادر إيجابية جدًّا تنبئ بأنّ الجليد كُسر، وأن العلاقات تتجه إلى مزيد من التحسن، بعد فترة من التوترات والأخطاء التي ارتُكبت في الماضي.
أما في ما يخص موسم الصيف المقبل، فأبدى رجّي تفاؤله حيال حركة السياحة العربية والأجنبية، مشيرًا إلى أنّ الدولة تبذل جهودًا كبيرة على صعيد البنية التحتية والأمن، من أجل ضمان استقرار الموسم واستقطاب الزوّار إلى مسابح وجبال ومطاعم لبنان.
في الشق السياسي، ردّ رجّي على الانتقادات التي تطاله بشأن ما يُوصف بـ"الدبلوماسية الحزبية"، معتبرًا أنّ هذه الانتقادات لا تعكس واقع أدائه ولا مواقفه العلنية التي يُعلنها باستمرار، بل تصدر عن جهات لا يعجبها الخط السياسي الذي يعتمده، لاسيّما حين يتعلق الأمر بمطلب حصرية السلاح. وأشار إلى أنّ هذه الانتقادات طالت أيضًا رئيس الحكومة، وحتى رئيس الجمهورية، رغم حرص البعض على إظهار المودة له لإبقائه إلى جانبهم.
وفي تعليقه على ما يُقال عن استياء أميركي من بطء اتخاذ القرارات في لبنان، أوضح رجّي أنّ الأمر لا يتعدى التنبيه الأميركي للبنان إلى وجود نافذة دعم دولي وعربي يجب استغلالها، مع التشديد على ضرورة تنفيذ إصلاحات اقتصادية وبنيوية، وضبط السلاح خارج إطار الدولة، معتبرًا أنّ هذه الشروط ليست من أجل الخارج، بل من أجل بناء دولة قانون وازدهار، وهي مطالب مشروعة لكل لبناني.
أما بشأن مطالبة وزراء "القوات اللبنانية" في مجلس الوزراء بوضع جدول زمني لتسليم السلاح، فقد أكد رجّي أنّ الشعب اللبناني لم يعد يقبل بمعادلة "جيش وشعب ومقاومة"، واصفًا إيّاها بـ"الثلاثية الخشبية". وأضاف أنّ سلاح "حزب الله" غير شرعي، مطالبًا التنظيم بتسليمه والانخراط في الحياة السياسية بشكل طبيعي، وترك مقاتليه يعودون إلى حياتهم اليومية، من دون أن يُمَسّ بحقهم في العقيدة.
وعن موقف السلطة الفلسطينية، رحّب رجّي بتصريحات الرئيس محمود عباس التي تؤكد احترام سيادة الدولة اللبنانية ورفض وجود السلاح داخل وخارج المخيمات، مع تأكيده على الاستعداد لتسليمه. واعتبر أنّ هذه التصريحات ليست جديدة بل ثابتة منذ سنوات، موضحًا أنّ هناك لجنة فلسطينية – لبنانية تتولى معالجة الأمر ميدانيًّا لتأمين تسليم السلاح بطريقة سلمية ومن دون إشكالات، مع مراعاة الاكتظاظ السكاني داخل المخيمات.
وفي ما يتعلّق بإمكانية تجاوب حركة "حماس" مع ما أعلنه الرئيس عباس، أعرب رجّي عن أمله بذلك، مشددًا في الوقت نفسه على أنّ الدولة اللبنانية، برئيسها وحكومتها، باتت حازمة في موضوع السيادة، وقرار حصر السلاح بيد الدولة صار نهائيًا.
وفي الختام، كشف وزير الخارجية أنّ موعد زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى لبنان لم يُحدّد بعد، لكن من المرجّح أن تتم الزيارة خلال الأسبوعين المقبلين.