نشر رجل الأعمال الأميركي البارز جوناثان باس، المقرب من الرئيس دونالد ترامب، مقتطفات من لقائه بالرئيس السوري المنتخب حديثاً أحمد الشرع في العاصمة دمشق، في مقال نشره على أعمدة صحيفة Jewish Journal، حيث ألقى الضوء على رؤية الشرع لإعادة بناء سوريا والمصالحة الوطنية بعد سنوات من الصراع والتدمير.
في قلب دمشق، المدينة الأقدم حياً، التقى باس بالشرع في قصر الشعب الذي كان يُعرف سابقاً بقصر الأسد الفخم، مكان يعكس تناقضات سوريا الحالية، بين تاريخ عريق وأطلال متواضعة تحيط به. قال الشرع إنهم لا يبدأون من الصفر، بل من الأعماق، حيث ورثوا الصدمة والإرهاق، ولكن أيضاً الأمل الهش والحقيقي.
أوضح الشرع، الذي تولى الرئاسة بعد سقوط نظام بشار الأسد، أن حكم سوريا لعقود كان نظاماً يمزج بين الولاء والصمت، والتعايش والكراهية، والاستقرار والقمع، حيث استخدمت عائلة الأسد القبضة الأمنية الحديدية لترسيخ السيطرة، ما أدى إلى ذبول مؤسسات الدولة وتحول المعارضة إلى صراع دموي.
تُظهر رؤية الشرع تركيزه على حقيقة الماضي وعدم تجاهله، مؤكداً ضرورة الابتكار لإنشاء مستقبل جديد بعيداً عن أخطاء الماضي. شرع بدأ خطوات رمزية بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وحوار مع جماعات المعارضة، وتعهد بإصلاح أجهزة الأمن.
يرى الشرع سوريا متعددة الثقافات والتوجهات، داعماً حق العودة لكل السوريين من يهود ودروز ومسيحيين وغيرهم ممن صودرت ممتلكاتهم، كما اقترح إنشاء وزارة تعنى بمصير المفقودين والقتلى.
في قضية المقابر الجماعية، دعا الشرع إلى شراكة مع الولايات المتحدة لتوفير تقنيات الطب الشرعي وبناء قواعد بيانات الحمض النووي، ضماناً لتعاون السلطات عن الفظائع الماضية.
أكد الشرع ضرورة إشراك كل الأصوات في الحوار من مختلف الطوائف والطبقات الاجتماعية، مشدداً على أن الدولة يجب أن تستمع أكثر مما تأمر، مطالباً الناس بالصبر والتدقيق وليس بالثقة المسبقة، ليُبنى السلام على أسس قوية.
وأشار إلى أن الناس في المدن والقرى يطلبون العودة إلى الحياة الطبيعية، وإعادة بناء المنازل، وتأمين فرص العمل في الزراعة والصناعة والبناء والخدمات، مع التركيز على برامج طارئة للنهوض الاقتصادي.
وشدد الشرع على أن سوريا لن تبنى بالكلام والشعارات، بل بالأفعال في الأسواق والمدارس والمزارع، قائلاً: "لم يعد الأمر يتعلق بالأيديولوجيا بل بإعطاء الناس سبباً للبقاء والعيش والإيمان."
فيما يخص العلاقة مع إسرائيل، وفي أحد الأجزاء الأكثر حساسية من الحديث، تناول الشرع العلاقة المستقبلية بين سوريا وإسرائيل وهو الموضوع الذي ظل يؤرق المنطقة منذ عام 1948، واشتد مع كل غارة جوية، وعملية سرية، واتهامات بالحرب بالوكالة.
وقال الشرع في السياق: "أريد أن أكون واضحا. يجب أن ينتهي عصر القصف المتبادل الذي لا ينتهي.. لا تزدهر أي دولة عندما يسود الخوف سماؤها.. الحقيقة هي أن لدينا أعداء مشتركين ويمكننا أن نلعب دورا رئيسيا في الأمن الإقليمي".
وأضاف أن دروز سوريا مواطنون عريقو الجذور، مخلصون تاريخياً، ويستحقون الحماية القانونية، وسلامتهم غير قابلة للتفاوض.
ورغم عدم اقتراحه التطبيع الفوري، أبدى الشرع انفتاحه على محادثات مستقبلية تقوم على احترام القانون الدولي والسيادة، مشدداً على أن السلام يجب أن يُبنى على الاحترام لا الخوف.
وصف الشرع الرئيس ترامب بأنه "رجل سلام" يفهم النفوذ والقوة والنتائج، وأنه الوسيط الوحيد القادر على إعادة ضبط الحوار وتحقيق استقرار المنطقة، معبراً عن استعداده للانخراط في حوار يؤدي إلى السلام والأمن.
وأشار الشرع إلى أن سوريا تسعى إلى بناء مؤسسات تحكم بالشرعية والنزاهة، وليست بيدقاً أو حصناً منيعا، مع أهمية مكافحة الفساد والشفافية.
واختتم الشرع اللقاء بتأكيده على أن قبوله المنصب كان من منطلق ضرورة طي صفحة الماضي وكتابة تاريخ جديد، وأنه لا مجال للفشل، معبراً عن إيمانه بأن سوريا يمكن أن تعود عظيمة.
في تعليق باس، يرى أن الشرع شخص قادر على التغيير والنمو، تعلم من التجربة وماضيه المتطرف، وهو الآن قائد المستقبل الحقيقي لسوريا، يسعى لإخراج البلاد من الظلام ووضعها في مكانتها الطبيعية بين دول العالم.