ووفق المصادر، فإن استمرار هذه الكيانات في العمل والتحدث باسم المودعين يشكّل إهانة موصوفة لقضيتهم المحقة، ويضع الحكومة والقضاء أمام مسؤولية وطنية بضرورة وضع حدّ لها، عبر إقفالها ومحاسبة القائمين عليها. فالأصوات الحقيقية من المودعين باتت تلوذ بالصمت، بعدما اختطفت قضيتهم حفنة من “الناشطين المأجورين” الذين لم يجلبوا سوى الضجيج والتشويه، بينما جيوبهم تنتفخ بعائدات الصفقات والتسويات المشبوهة.
وتُعدّ ما يُسمّى بـ”جمعية صرخة المودعين” مثالًا صارخًا على هذا الواقع المُخجل، حيث تضمّ شخصيات مثيرة للجدل مثل علاء خرشيد وخليل برمانة، اللذين تُظهر المعطيات تحسّنًا مفاجئًا في أوضاعهم المعيشية والمالية منذ بداية الأزمة، نتيجة ممارسات مشبوهة شملت التفاوض مع مصارف ومقايضات على حساب حقوق آلاف اللبنانيين المحتجَزة أموالهم.
والأخطر، أن هذه الجمعية التي تدّعي تمثيل المودعين، لا تضم فعليًا إلا عددًا ضئيلًا من المنتسبين، وتحركاتها “الميدانية” تُدار وفق الطلب وحسب مقتضيات مصلحة مشغّليها، ما يؤكد زيف شعاراتها وافتقارها لأي تمثيل شرعي حقيقي.
إن الوقت حان لاتخاذ خطوات حازمة لإقفال هذه “البازارات” السياسية والمالية، واستعادة قضية المودعين من أيدي المتربحين والطفيليين الذين لا يرون في الأزمة سوى فرصة لملء الجيوب، على حساب معاناة الناس وكرامتهم. فحماية الودائع لا يمكن أن تُترك لعصابات متنكرة بأثواب النضال، بل تتطلّب إرادة سياسية وقضائية صلبة تعيد الأمور إلى نصابها وتمنع هذا الانزلاق المعيب نحو تشريع النصب تحت راية “الحقوق”.