إعادة تنشيط الاقتصاد السوري فرصة للبنان
في هذا الإطار، أكّد الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أنيس أبو دياب، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن "إعادة تنشيط الاقتصاد السوري بطريقة شرعية من شأنها أن تمهّد لانطلاقة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين لبنان وسوريا، بعيدًا عن الضغوط السياسية والاقتصادية".
وأضاف: "كما هو معلوم، كان السوق اللبناني يشكّل المصدر الوحيد للدولار بالنسبة إلى سوريا، نتيجة منع التداول بالعملة الصعبة فيها بسبب العقوبات. كما أن معظم عمليات الاستيراد إلى سوريا كانت تمرّ عبر لبنان، ما شكّل ضغطًا كبيرًا على ميزان المدفوعات اللبناني، خصوصًا مع تضخّم فاتورة الاستيراد، دون تحقيق أي استفادة فعلية للبنان، إذ إن معظم السلع كانت تُهرّب إلى الداخل السوري".
وتابع: "اليوم، إن عودة الانتظام الاقتصادي في سوريا تنعكس إيجابًا على الوضع في لبنان أيضًا. كما أن أي مسار لإعادة إعمار سوريا، في حال رُفعت العقوبات، سيؤدي إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية في الداخل السوري. وقد شهدنا مؤخرًا توقيع عقد لإنتاج الكهرباء بقيمة 7 مليارات دولار، يُفترض أن يوفّر نحو 4000 ميغاوات من الطاقة، وهو رقم ضخم يتطلّب بنية مصرفية قوية".
دور المصارف اللبنانية في سوريا
وأشار إلى أن "ذلك يستدعي وجود قطاع مصرفي فاعل في سوريا، ويمكن للقطاع المصرفي اللبناني – السوري أن يؤدي دورًا حيويًا، لا سيّما أن هذا التعاون بدأ منذ عام 2003، وهناك حاليًا بين 4 و5 مصارف لبنانية عاملة في سوريا، تتميّز بفصل موازناتها بين الجانبين، ما يتيح لها دعم عمليات التمويل وفتح الاعتمادات الضرورية لتحريك العجلة الاقتصادية".
من جهة أخرى، لفت إلى أن "مرافئ بيروت وطرابلس قادرة على الاستفادة من الاستثمارات المتجهة إلى سوريا، إذ من المرجّح أن تُستخدم كمعابر رئيسية للمواد والمعدات المخصّصة لمشاريع الإعمار. كما أن القطاع الخاص اللبناني، في مختلف مجالاته، أمام فرصة حقيقية للمشاركة في عمليات الاستيراد والتصدير وإعادة الإعمار، ما قد يجعل من لبنان منصة متينة للشركات اللبنانية والأجنبية الراغبة في دخول السوق السورية".
وتابع: "إعادة تنظيم العلاقة بين لبنان وسوريا قد تساهم في الحد من التهريب والتهرّب الضريبي، وهو أمر مرتبط بانتظام الأوضاع في سوريا، لكنه يتطلب في المقابل أن يكون لبنان نفسه منظمًا اقتصاديًا وماليًا".
وشدّد على "أهمية الإسراع في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمصرفية في لبنان، وإقرار قوانين تنظم المالية العامة، ما يسمح للبنان بالاستفادة القصوى من أي فرص مستقبلية".
منافسة إقليمية وضرورة التحرّك سريعاً
وأشار أبو دياب إلى أن "المنافسة في المنطقة قد تزداد، خصوصًا أن سوريا تملك مرافئ جيدة في اللاذقية وبانياس، إلى جانب شبكة سكك حديدية تربطها بتركيا وسوق المنطقة، ما يفرض على لبنان التحرك بسرعة وكفاءة لاقتناص الفرص".
وفي ختام حديثه، قال: "لا يمكن إغفال أن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وعلى رأسها قانون قيصر، قد يُسرّع تنفيذ اتفاقيات استيراد الكهرباء من الأردن والغاز من مصر إلى لبنان عبر الأراضي السورية. فقد سبق توقيع اتفاقية لتزويد لبنان بـ250 ميغاوات من الكهرباء الأردنية، إضافة إلى كميات من الغاز المصري، وكانت سوريا طرفًا أساسيًا فيها نظرًا لمرور الخطوط عبر أراضيها وحصولها على حصة معينة. وبالتالي، فإن تخفيف القيود الدولية على دمشق قد يُعيد تفعيل هذه الاتفاقيات المتوقفة".