الأخبار المهمة

placeholder

كارول الأسمر

ليبانون ديبايت
الخميس 05 حزيران 2025 - 07:26 ليبانون ديبايت
placeholder

كارول الأسمر

ليبانون ديبايت

تجارة بأقساط فلكية ورواتب مُذلّة… المدارس تنتقم من الأهل!

تجارة بأقساط فلكية ورواتب مُذلّة… المدارس تنتقم من الأهل!

"ليبانون ديبايت" - كارول الأسمر

تتفنّن المدارس الخاصة في خلق الأبواب التي تزيد من عبء الأقساط المدرسية على الأهالي، ولا سيّما في الوقت الحالي مع “تجميد” المجلس الدستوري لقانون تنظيم الهيئة التعليمية، الذي يعتبر مطّلعون أنه سيُقر عاجلًا أو آجلًا.

منذ سلوك هذا القانون مساره القانوني الصحيح نحو الإقرار في مجلس النواب، ثم نشره في الجريدة الرسمية ليصبح نافذًا، عمدت العديد من المدارس الخاصة إلى زيادة أقساطها بالدولار “الفريش”، والتي تُصنّفها تحت باب “المساعدات”، في حين أنها تحتسب المبالغ التي يدفعها الأهالي بالليرة اللبنانية كقسطٍ أساسي عن الطالب، وتُدرجه في موازنتها المدرسية. وبحسب المطلعين، فقد وصل معدل ما تتقاضاه هذه المدارس من الأهالي بالدولار والليرة اللبنانية إلى مستوى القسط نفسه الذي كانت تتقاضاه قبل الأزمة.


ما تقوم به الكثير من المدارس الخاصة هو “بزنس” بكل ما للكلمة من معنى، يجري تدفيعه للأهالي الذين لا يجدون مفرًّا من الإذعان لطلبات المدارس، لأن “المصيبة إنّو ماسكينا بأغلى شي عنّا”، كما تقول والدة لثلاثة تلامذة لـ”ليبانون ديبايت”.


ستة بالمئة… تُدفع مسبقًا!


بلغة الأرقام، تتقاضى المدارس من الأهالي مسبقًا (قبل إقرار القانون) نسبة الـ6 بالمئة من رواتب الأساتذة التي يجب أن تُدفع لصندوق التعويضات، بموجب الاتفاق الذي تم بعد احتساب مجموع راتب الأستاذ بالليرة اللبنانية والدولار وتحويله إلى الليرة، ما يعني أن مئات ملايين الليرات يجب أن تدفعها المدارس عند إقرار القانون الذي أوقفه المجلس الدستوري، وبالتالي يمكن فهم سبب الزيادات الجنونية في الأقساط هذا العام، حتى قبل تطبيق القانون.


ويشرح النقيب السابق للمعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود لـ”ليبانون ديبايت” أنه “حتى العام الماضي، كان يُخصم من راتب الأستاذ وتدفع المدرسة مساهمة لصندوق التعويضات بنسبة 6 بالمئة من راتب الأستاذ، و6 بالمئة تدفعها المدرسة شهريًا، ولكن على أساس الرواتب بالليرة اللبنانية فقط. أما المبالغ بالدولار، والتي كانت تدفعها المدارس للأساتذة (ويدفعها الأهالي للمدرسة)، فكانت خارج هذا الحساب”.


ويضيف: “في القانون الذي جرى إيقاف تنفيذه، بات كل ما يتقاضاه الأستاذ بالليرة والدولار سيُحتسب بالليرة اللبنانية (نحو 200 مليون شهريًا)، وسيتم التصريح عنه لصندوق التعويضات، كي يدفع الأستاذ 6 بالمئة عن 200 مليون بدلاً من 4 ملايين (راتبه السابق)، والمدرسة 6 بالمئة أيضًا عن الـ200 مليون”.


ويوضح أن “الزيادة على المبالغ التي ستُخصم من راتب الأستاذ، وعلى الاشتراكات التي على المدرسة دفعها، تحتاج إلى تعديل الموازنة المدرسية، ويجب أن تتولاها شركة مختصة لمعرفة ما إذا كانت الموازنة صحيحة أم لا، للحصول على براءة ذمة من صندوق التعويضات. فعندما تخصم المدرسة من راتب الأستاذ، عليها أن تسدّده للصندوق، ويجب أن يكون هناك رقابة للتأكد من أن المدرسة تقوم بواجباتها”.


ويؤكد عبود أن “المبالغ المستحقة على المدارس والأساتذة كبرت بشكل كبير، لتصل إلى مئات الملايين، وستنعكس على الأقساط بالتأكيد. ولذلك يجب الرقابة على المدارس، كي لا تستغلها لزيادة الأقساط بشكل مبالغ فيه يتجاوز تغطية مستحقات صندوق التعويضات، مع الحرص على تطوير المدارس وإعطاء المعلمين حقوقهم، علمًا أن كل هذه المشكلة سببها غياب سلسلة رواتب موحدة تلتزم بها جميع المدارس”.


التعليم يرتاح… الأهالي لا


على أرض الواقع، قارب العام الدراسي الحالي على نهايته، وبدأت العطلة الصيفية التي يرتاح خلالها الطلاب من الدراسة، فيما لا راحة للأهالي الذين لم ينتهوا بعد من تسديد أقساط هذا العام، ليبدأوا جمع المدخرات للعام الدراسي المقبل، في دولة اعتاد مواطنوها أن يكونوا الحلقة الأضعف، ويدفعوا ثمن تقاعس المسؤولين عنهم في المطالبة بحقوقهم، وحماية القطاع الخاص دائمًا على حسابهم.


آخر فصول هذا التخاذل أتت بعد أن أبطل المجلس الدستوري قانون تنظيم الهيئة التعليمية (آلية تغذية صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة)، إثر مراجعة الطعن الذي تقدّم به رئيس الجمهورية جوزاف عون. ومع إبطال القانون، توقفت المساعي لزيادة رواتب 5000 أستاذ متقاعد، يتقاضون اليوم راتبًا شهريًا يعادل 30 دولارًا.


ويبدو أن اليد الخفية خلف هذه المأساة التي يعيشها الأساتذة المتقاعدون، ومن سيلحق بهم عند نهاية الخدمة، هي المدارس الخاصة التي لعبت الدور الرئيسي في عرقلة القانون منذ إقراره عام 2023، بحجة الأعباء المالية التي ستترتب عليها، بعد أن أُلغيت مساهمة الدولة في الصندوق، وعدم احترامه لمبدأ الشمولية والعدالة في توزيع المسؤوليات.


التفاصيل القانونية… والتلاعب بالموازنات


القصة بدأت باختصار في 15 كانون الأول 2023، عندما أقرّ مجلس النواب القانون من دون أن يُنشر في الجريدة الرسمية، إذ تمّ استرداده من قبل رئاسة الحكومة بعد ضغوط مارسها اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، بسبب زيادة مساهمة المدارس في الصندوق من 6 إلى 8 بالمئة (عن مجمل راتب الأستاذ بالليرة والدولار)، ما أضفى صفة “الشرعية” على الأقساط المدرسية بالدولار، التي تُدرج في الموازنة المدرسية تحت بند “مساعدات”، رغم أنها تُشكّل أكثر من 80% من القيمة الفعلية للقسط.


وبعد تهديد نقابة الأساتذة بالإضراب لعدم نشر القانون، تمّ التوصل إلى اتفاق مؤقت باقتطاع 6 بالمئة من الراتب مضروبًا بـ17 مرة، تدفعها المدارس والأساتذة سويًا لصالح الصندوق، إلى حين دخول القانون حيّز التنفيذ.


وبعد تشكيل الحكومة، نُشر القانون في الجريدة الرسمية، فتقدّمت المدارس الخاصة بتظلّم إلى رئيس الجمهورية، الذي أحاله إلى المجلس الدستوري، والذي قبل المراجعة وقرّر عدم نفاذ القانون لأسباب شكلية.


وفي هذا السياق، كشف نقيب المعلمين في القطاع الخاص نعمة محفوظ، أن النقابة أرسلت كتابين إلى رئيس الجمهورية وإلى رئاسة الحكومة، داعية إلى حلّ هذه المشكلة، لأن “عدم النفاذ” لم يصدر بسبب مضمون القانون بل لأسباب تتعلق بالشكل، داعيًا إلى العودة لنشره، طالما أن جوهره متّفق عليه.


الأساتذة ليسوا “رعايا أجانب”!


وقال محفوظ إن “الموضوع بسيط، ومن غير المقبول أن تُوقف رواتب 5000 أستاذ متقاعد لأسباب شكلية”، معتبرًا أن البلد يعاني من “أزمة قانونية”، وأن الرواتب ما زالت على أساس دولار 1500 ليرة. وأوضح أن التعديلات على القانون نُشرت، لكن القانون الأساسي لم يُنشر، ما يجعلها غير نافذة، داعيًا إلى تصحيح المسار.


وأضاف محفوظ أن النقابة ستنتظر أسبوعًا إلى عشرة أيام، وعلى ضوء موقف الرئاسات، ستُتخذ خطوات تصعيدية، قائلًا: “الأساتذة لبنانيون، وليسوا رعايا أجانب ليُعاملوا بهذه الطريقة”.


من جهته، قال المحامي شربل شواح، المتخصص في الشؤون المدرسية، إن بعض المدارس زادت أقساطها للعام الدراسي 2024–2025 على خلفية هذا القانون، رغم أنه لم يدخل حيز التنفيذ فعليًا. واعتبر أن بعض الموازنات المدرسية مخالفة للقانون، ودعا إلى إعادة النظر فيها.


واقترح شواح إجراءين لحلّ الأزمة: أولًا، إعادة نشر القانون الأساسي في الجريدة الرسمية. وثانيًا، إدراج التعديلات والملاحظات ضمن قانون جديد يُعرض على اللجان النيابية ويُعاد نشره، مشيرًا إلى إمكانية تمريره بسرعة، خصوصًا أن النواب سبق أن أقرّوه سابقًا.


المشكلة في الجوهر… لا الشكل


الكل يغرق في التفاصيل القانونية، متناسيًا أن 5000 أستاذ متقاعد يعيشون على 30 دولارًا شهريًا، وأن التعليم الخاص بات يُموَّل بالكامل من جيوب المواطنين، الذين يُفرض عليهم دفع أقساط بالدولار مقابل خدمات لا تتوافق مع الأزمة الاقتصادية. فأين وزارة التربية من هذا المشهد؟ وأين هي المحاسبة لموازنات المدارس الخاصة “المضروبة”، التي تُدرج المساعدات بالدولار ضمن ميزانيتها، لكنها تُظهر إيراداتها بالليرة فقط؟ أليست هذه المخالفة وحدها كافية لفتح تحقيق شفاف؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة