يُجري الكنيست الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، تصويتًا تمهيديًا على مشروع قانون لحل نفسه، وذلك بطلب من أحزاب المعارضة، في خطوة قد تحظى بدعم بعض شركاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو داخل الائتلاف الحاكم، وسط أزمة داخلية متصاعدة حول قانون تجنيد اليهود المتشددين (الحريديم) في الجيش الإسرائيلي.
ويأتي هذا التصويت في وقت تتزايد فيه الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، في ظل الانقسامات الحادة بين مكوناتها، خاصة بعد قرار المحكمة العليا الصادر في حزيران 2024، والذي ألغى الإعفاءات الممنوحة للحريديم من الخدمة العسكرية، وأوقف الدعم المالي للمؤسسات الدينية التي لا تلتزم طلابها بالتجنيد.
في محاولة لتفادي تصويت قد يؤدي إلى انهيار ائتلافه الحاكم، كثّف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مساعيه لتأجيل تمرير مشروع القانون. وبحسب مصادر إسرائيلية، فقد مارس ضغوطًا شديدة على الأحزاب الدينية المتشددة، خاصة حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراه"، لحثهم على معارضة التصويت.
ونقلت صحيفة إسرائيل هيوم أن نتنياهو حذر حلفاءه من أن "الوضع الراهن يُعد توقيتًا تاريخيًا لمعالجة التهديد الإيراني"، داعيًا إلى الحفاظ على استقرار الحكومة في هذه المرحلة الحساسة أمنيًا وسياسيًا.
كما حاول نتنياهو إقناع رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، بالتراجع عن دعمه المحتمل للقانون، في إطار مساعيه المستمرة لتفكيك التحالف المعارض لمشروع التجنيد الجديد.
وفي المقابل، تواصل أحزاب المعارضة، وعلى رأسها حزبا "هناك مستقبل" بزعامة يائير لابيد، و"إسرائيل بيتنا" بقيادة أفيغدور ليبرمان، جهودها لطرح مشاريع قوانين لحل الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة، في ظل تصاعد الاحتجاجات الشعبية الرافضة لسياسات الحكومة، خاصة فيما يتعلق بقضية التجنيد.
ويضم الائتلاف الحكومي الحالي 68 نائبًا، إلا أن تمرير قانون حلّ الكنيست يحتاج إلى 61 صوتًا فقط، ما يعني أن انشقاق عدد محدود من النواب قد يؤدي إلى فقدان الأغلبية. وتجدر الإشارة إلى أن التصويت التمهيدي لا يعني الحل الفوري، إذ يتوجب تمرير القانون في ثلاث قراءات منفصلة ليصبح نافذًا، ويُصار بعدها إلى تحديد موعد للانتخابات.
وتتزامن هذه التطورات السياسية مع تصاعد الاحتجاجات من قبل الحريديم، الذين يشكلون نحو 13% من سكان إسرائيل، ويعارضون التجنيد الإجباري بدعوى التفرغ لدراسة التوراة. ويرى هؤلاء أن الانخراط في الجيش ومؤسسات الدولة يشكل تهديدًا لهويتهم الدينية واستمرارية مجتمعهم الخاص.
وقد أشعل قرار المحكمة العليا موجة توتر بين الحريديم والمؤسسة العسكرية، في ظل مخاوف من اشتعال أزمة اجتماعية أوسع تؤثر على استقرار الحكومة.
تشير المعطيات الحالية إلى أن إسرائيل تقف على مفترق طرق سياسي حساس، بين محاولات نتنياهو للتمسك بالسلطة، ومساعٍ حثيثة من المعارضة لإسقاط الحكومة والدفع نحو انتخابات مبكرة. وفي ظل انقسامات الائتلاف وتصاعد الضغط الشعبي والديني، يبدو أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل المشهد السياسي الإسرائيلي.