عقد وزير العدل القاضي عادل نصّار مؤتمرًا صحافيًا في مكتبه، أطلع خلاله اللبنانيين على ما أنجزه منذ توليه الوزارة، وناقش الأوضاع القضائية والراهنة، مؤكدًا أن البيان الوزاري يرتكز على نقطتين أساسيتين: الإصلاح، وحصرية السلاح بيد الدولة.
وقال نصّار: "اعتبرت أنه من الطبيعي بعد مرور مئة يوم على تولي مهامي، أن أُصارح اللبنانيين بما أُنجز، خصوصًا أن بناء الدولة لا يمكن أن يتحقق إلا بحصر السلاح تحت سقف القانون". وأضاف: "غدًا نُحيي ذكرى القضاة الأربعة الذين استشهدوا نتيجة السلاح المتفلت، والسلاح خارج الدولة مرفوض إذا أردنا قيام دولة فعلية".
وفي ملف الاعتداء على قوات اليونيفيل في جنوب لبنان، أعلن أنه طلب من المدعي العام التمييزي فتح تحقيق بملاحقة المعتدين، مشددًا على أن حصرية السلاح تُتابع مباشرة مع رئيس الجمهورية، وقال: "لا يمكننا الانفتاح على المجتمع الدولي من دون إصلاحات، وحصرية السلاح بيد الدولة".
وتحدّث نصّار عن استقلالية القضاء، مشيرًا إلى أن قانون استقلال القضاء "سلك طريقًا طويلًا بدأ من مشاريع سابقة ضمن لجنة الإدارة والعدل، وتطوّر عبر منتدى العدالة بمشاركة القضاة والمجتمع المدني". وأوضح أن العمل الجدّي بدأ منذ استلام الوزارة، بالتنسيق الكامل مع رئيس لجنة الإدارة والعدل، وبدعم من قضاة كبار وفريق عمل متخصص.
وعن ملف التعيينات، قال: "لبنان عانى كثيرًا من تأخير التعيينات. وقد تم تعيين مجلس القضاء الأعلى، رؤساء محاكم التمييز والاستئناف، واليوم المجلس منكب على إعداد التشكيلات القضائية. نعتمد معايير موضوعية بعيدًا عن التسييس والمحاصصة لاستعادة ثقة الناس".
وأضاف: "هناك انتظام واضح في عمل القضاء، والتحقيقات مستمرة في ملفات الفساد، انفجار المرفأ، والاغتيالات، ويُحقق اليوم مع شخصيات ووزراء وقضاة سابقين. كل إنسان بريء حتى إثبات العكس، والجهود التي يبذلها القضاة جبارة".
وأكد نصّار أنه يرفض تسييس أي ملف قضائي، وقال: "أنا أدعم القضاة في أي إجراء يتخذونه، وأفصل تمامًا بين السياسة والقضاء. لا أتدخل في المسار القضائي، وأنا موجود لحماية القضاة من الضغوط".
وأشار الوزير إلى استئناف المحاكمات في سجن رومية، موضحًا أن عددها مقبول، والإنجازات جاءت نتيجة تضافر جهود وزارتي العدل والداخلية، والمحامين والقضاة، رغم التحديات اللوجستية.
وعن جولته في فرنسا، أوضح أن الوفد اللبناني التقى وزير العدل الفرنسي، رئيس مجلس القضاء الأعلى وعددًا من كبار القضاة الفرنسيين، حيث تم البحث في سبل دعم القضاء اللبناني، وأُعلن عن زيارة مرتقبة لوفد قضائي فرنسي إلى لبنان لتفعيل عمل معهد الدروس القضائية. كما شدد نصّار على أهمية المكننة لمحاربة الفساد، مشيرًا إلى تعاون فعّال مع وزير الاتصالات كمال شحادة.
وأكد أن التفتيش القضائي استعاد نشاطه في مختلف المناطق اللبنانية وليس فقط في بيروت، مضيفًا: "مع الوقت سنلمس نتائج ملموسة". وتطرّق إلى مؤتمر الحوار بين القضاء والإعلام، مشددًا على أن "القضاء يحمي حرية التعبير، والإعلامي له الحق في إبداء ملاحظاته حول القرارات القضائية، شرط أن يكون النقد موجّهًا إلى القرار لا إلى القاضي شخصيًا".
وردًا على أسئلة الصحافيين، أوضح نصّار أن بعض التعيينات القضائية تتم باقتراح من الوزير وقرار من مجلس الوزراء، وقال: "النقاش بشأن تعيين القاضي زاهر حمادة بدأ في نيسان، وسأبقى مصرًّا على اعتماد معايير الكفاءة والاستقلالية بعيدًا عن المبارزات السياسية والبطولات الوهمية".
وأضاف: "عدد من الأطراف السياسية، بينهم النائب سامي الجميل ونواب آخرون، تواصلوا معي لدعم موقفي، وأنا أشكرهم، لكنني أفضّل البقاء خارج التجاذبات السياسية. لا معركة سياسية مع أحد، نبحث فقط عن الشخص المناسب".
وردًا على سؤال عن جدية نيته الاستقالة في حال تمّ فرض تعيين زاهر حمادة، قال نصّار: "لن أستقيل! وكيف يمكن تعيينه إن لم أُقترحه أنا؟ لن أستقيل ولن أُقترح إلا وفق قناعاتي، وواجبي هو حماية استقلالية القضاء، وترك البطولات الوهمية لغيري".
وختم بالقول: "الرئيس نبيه بري يهمه مصلحة المؤسسات، وهو ابن العدلية، والتعيينات اليوم لا تُبنى على محاصصة، بل على الكفاءة".