أكد العميد المتقاعد منير شحادة في حديث لـ"ليبانون ديبايت" أن الضربة الإسرائيلية لإيران كانت حتمية، وقد سبق أن أشار إلى ذلك في مناسبات سابقة، معتبرًا أن تل أبيب لن تتراجع عن استهداف المنشآت النووية الإيرانية مهما كانت الظروف.
وقال:الكثير من الخبراء ناقشوني سابقًا معتبرين أن ما تقوم به إسرائيل هو مجرد ضغط سياسي على إيران لدفعها إلى التنازل في الملف النووي، لكن ما حصل اليوم أثبت أن الضربة واقعة لا محالة، وقد نُفّذت بالفعل."
واعتبر شحادة أن الضربة جاءت قوية ومباشرة، وأظهرت مدى الخرق الأمني الكبير داخل الأراضي الإيرانية، فمن الواضح، برأيه، أن إسرائيل تمكّنت من زرع عناصر لها أو على الأقل جهات مساندة على الأراضي الإيرانية، وهو ما سمح لها بتنفيذ الضربة من مسافات قريبة باستخدام طائرات مسيّرة. وقد استُهدفت عدة مواقع، وأُغتيل عدد من القادة الكبار والعلماء الإيرانيين.
وبحسب شحادة، فإن هذا الخرق الأمني يُبرز نقاط ضعف في البنية الأمنية الإيرانية، لا سيما في ما يتعلق بمكافحة التجسس. وأوضح أنها ليست المرة الأولى التي تنجح فيها إسرائيل في تنفيذ اختراق بشري داخل إيران، لكن هذه المرة كان التنفيذ لعملية عسكرية نوعية استهدفت عمقًا استراتيجيًا حساسًا.
وأشار إلى أن من بين الأهداف التي تعرّضت للقصف، المفاعلات النووية الإيرانية، معتبرًا أن: سواء تم تعطيل هذه المفاعلات كليًا أو جزئيًا، فإن النتيجة الأبرز تبقى في ضرب القدرة النووية الإيرانية."
ولفت إلى أن الضربة شملت أيضًا اغتيال عدد من القادة الكبار في الجيش الإيراني، إلى جانب علماء في مجال التخصيب والتطوير النووي، وهو ما يجعل منها ضربة نوعية كبيرة نفذتها إسرائيل ضد إيران.
وتوقف العميد شحادةاما تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التي كانت واضحة، حين قال إن ما حصل ليس مجرّد ضربة بل هو بداية حرب، وهذا ما يؤكد أن إسرائيل ماضية في تنفيذ ضربات متتالية وتراكمية ضد إيران، وأننا أمام تصعيد مستمر.
واعتبر أن الرد الإيراني المقبل هو الذي سيحدد المسار، فإذا لم يكن الرد على مستوى العدوان، وإذا لم يكن رادعًا، فسنشهد تكرارًا للضربات، وربما تصعيدًا قد يتوسع ليشمل تدخلات مباشرة من قبل الولايات المتحدة. من هنا، يُنتظر من إيران رد بحجم الضربة، وإلا فإن إسرائيل ستتمادى في تصعيدها وتواصل استهداف المنشآت والمراكز الحيوية بشكل يومي."
وأشار إلى أن السلطات الإيرانية سارعت إلى تعبئة المواقع القيادية التي شغرت بسبب الاغتيالات، في خطوة تهدف إلى الحد من الفوضى المحتملة داخل الأجهزة العسكرية والأمنية.
ولفت الى أن كافة المؤشرات الحالية تدل على أن ردًا إيرانيًا قويًا ووشيكًا بات قيد التنفيذ، وذلك بعد الضربة الإسرائيلية المباغتة التي استهدفت مواقع استراتيجية داخل إيران، وأدّت إلى مقتل عدد من العلماء والقادة العسكريين.
وبحسب العميد شحادة، فإن التهديدات الصريحة والواضحة الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين، والتي تحدثت عن "ضربة غير مسبوقة" و"ردّ مؤلم" و"ندم كبير لإسرائيل"، تجعل من الضروري ترقّب الساعات المقبلة بحذر شديد. وقال:"كل شيء الآن مرتبط بما إذا كانت إيران ستنفذ هذا الردّ الذي توعّدت به."
وأشار العميد شحادة إلى سلسلة من التطورات المتزامنة التي تُعدّ مؤشرات واضحة على اقتراب مواجهة أوسع:
-تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن أهم بند في المفاوضات النووية، وهو “رفض تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية”، وهو ما يُعتبر انتصارًا سياسيًا كبيرًا لطهران في مسألة سيادية تُشكّل جوهر النزاع.
-انقضاء المهلة التي حدّدتها أميركا (60 يومًا) منذ بداية المفاوضات، حيث تصادف اليوم مع اليوم 61، في وقت لم تفضِ فيه المفاوضات إلى أي تقدّم ملموس.
-تقرير وكالة الطاقة الذرية الذي اتّهم إيران بعدم التعاون وخرق بعض التزاماتها، ما يُعطي ذريعة إضافية لإسرائيل للمضي في التصعيد.
-التحركات العسكرية الأميركية اللافتة، ومنها تأجيل جلسة اجتماع لقائد القيادة الوسطى الأميركية في مجلس الشيوخ، ما يشير إلى تطورات ميدانية وشيكة في الشرق الأوسط.
-طلب واشنطن من دبلوماسييها إخلاء عدد من السفارات والمراكز في دول قريبة من إيران، كالبحرين والعراق وأربيل والكويت، وهو إجراء يُتخذ عادة تحسّبًا لتصعيد عسكري مفاجئ.
واعتبر شحادة أن كل هذه المؤشرات لا يمكن فصلها عن الضربة الأخيرة، قائلاً:"كان من المفترض أن تكون إيران قد اتخذت كل الاحتياطات الممكنة لحماية كبار مسؤوليها، سواء العسكريين أو العلماء، لكن ما رأيناه هو أن إسرائيل نفّذت اغتيالات داخل غرف نومهم، في مشهد يُظهر اختراقًا استخباراتيًا فاضحًا."
ورأى أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة، حيث أن الرد الإيراني المرتقب إما سيكون رادعًا يعيد رسم قواعد الاشتباك، أو أن إسرائيل ستتمادى أكثر وتواصل ضرب أهداف إيرانية بشكل يومي، مع احتمال أن يتطور الأمر إلى محاولة إسقاط النظام الإيراني، وليس فقط تقويض قدراته النووية.
وختم العميد شحادة حديثه بالإشارة إلى أن إيران كانت قد حصلت سابقًا على كمية كبيرة من الوثائق السرية من داخل إسرائيل، وهو ما يُفترض أنه وفّر لها بنك أهداف واسع. إذا أرادت أن تردّ بشكل نوعي، فبإمكانها تنفيذ ضربة كبيرة باستخدام صواريخ باليستية وصواريخ فرط صوتية، تُظهر أنها لا تزال تمتلك زمام المبادرة، وتمنع إسرائيل من استفرادها في الميدان. لتصحيح النص طباعياً واملائياً فقط