في هذا الإطار، أكّد الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد أكرم سريوي، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن "اختراق أجواء أي دولة يُعدّ انتهاكًا لسيادتها، ومن حقها الطبيعي أن تُغلق مجالها الجوي أمام أي صواريخ أو طائرات تمرّ عبره".
وأضاف: "هذا حقّ سيادي، سواء للبنان أو لأي دولة أخرى، كالعراق مثلاً. فإذا كانت هناك طائرات أو صواريخ تنتهك الأجواء، فمن المؤكد أن من حق الدولة المعنية اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية أراضيها".
واعتبر أن "المسألة التي نتحدث عنها تُشكّل خطرًا حقيقيًا على حياة السكان، نظرًا لاحتمال كبير لسقوط الصواريخ أو المسيّرات داخل الأراضي اللبنانية. وبالتالي، لا يمكن اختزال الموضوع بمسألة انتهاك سيادة فحسب، بل نحن أمام تهديد مباشر للأمن والسلامة العامة، خصوصًا مع مرور هذه المسيّرات أو الصواريخ على ارتفاعات منخفضة".
وأضاف: "الصواريخ الباليستية التي تنطلق إلى الفضاء الخارجي تُعد أقلّ خطرًا، لكن عندما يتعلق الأمر بطائرات مدنية تُحلّق في الأجواء اللبنانية، يصبح من واجب الدولة حماية مجالها الجوي، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من سيادتها. وأي جريمة تقع على متن طائرة لبنانية أو داخل الأجواء اللبنانية تُعتبر من اختصاص القضاء اللبناني، وفق ما يُعرف بالاختصاص المكاني، الذي يخول ملاحقة الجناة وفتح تحقيقات بالأفعال المرتكبة ضمن هذا النطاق".
وتابع: "بالتالي، نحن لا نتحدث فقط عن أرض أو بحر، بل عن سيادة متكاملة تشمل الجو أيضًا، ولا يمكن التفريط بها أو التهاون في الدفاع عنها".
واستكمل: "نعم، هناك خطر، ومسألة التعاطي مع هذا الخطر تخضع لاعتبارات عديدة، أبرزها الظروف السياسية والمواقف الدولية. هناك دول، كالعراق والأردن، أغلقت أجواءها خلال فترات التوتر، لكنها لم تبادر إلى تقديم شكاوى رسمية أمام مجلس الأمن".
وعليه، شدّد على أنه "من حق لبنان أن يتحرّك وأن يتقدّم بشكوى أمام مجلس الأمن، وبرأيي يجب أن يقوم لبنان بذلك، ولكن الواقع السياسي الإقليمي والدولي تحكمه القوة أكثر مما يحكمه القانون. فإسرائيل تنتهك السيادة اللبنانية بشكل يومي، تُحلّق طائراتها في الأجواء اللبنانية وتنفّذ غارات في سوريا، ولبنان لم يتقدّم بشكاوى فاعلة أو متواصلة أمام مجلس الأمن".
وسأل: "هل من المنطقي اليوم أن يقدّم لبنان شكوى ضد صواريخ إيرانية تمرّ في أجوائه، وهي تُطلق ردًا على اعتداءات إسرائيلية، بينما يتغاضى عن الانتهاكات اليومية الإسرائيلية؟ هنا يكمن الإشكال".
وختم سريوي بالقول: "القضية ليست قانونية بقدر ما هي سياسية، ولهذا السبب فإن تحرّك لبنان في هذا الاتجاه سيُعدّ غير مقبول سياسيًا، حتى وإن كان مبررًا قانونيًا".