بعد مرور حوالي ست سنوات على الأزمة، ما زالت أزمة المودعين تراوح مكانها، فيما يتقاذف المسؤولون المسؤوليات، بدءًا من الحكومة، مرورًا بمصرف لبنان، وصولًا إلى المصارف التجارية. ورغم أن الحكومة الحالية لم تكن سببًا للأزمة، إلا أنها لم تتخذ أي خطوة جادة منذ توليها السلطة، على الرغم من إدراجها في بيانها الوزاري بندًا أساسيًا يعهد بحل أزمة المودعين.
أما حاكم مصرف لبنان الحالي، كريم سعيد، فعلى الرغم من أنه لم يضع السياسات المالية التي أدت إلى ضياع أموال المودعين، إلا أنه لم يباشر حتى الآن في وضع خطة لإعادة هذه الأموال. وفي المقابل، لا تزال المصارف التجارية، التي تعد المسؤول الأول عن الأزمة، تراوح مكانها، مكتفية بتذويب الودائع من دون أي حلول عملية.
الخبير في المخاطر المصرفية والباحث الاقتصادي محمد فحيلي، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، رأى أن "أي تحرك لجمعية المصارف اليوم لن يثمر لأن الثقة بين المصارف والمجتمع اللبناني قد انعدمت نهائيًا". وأشار إلى أن "الممر الإلزامي لإعادة الثقة يبدأ بخطوات فردية من كل مصرف، تشمل فتح قنوات تواصل منتجة مع الزبائن لتأمين السيولة تدريجيًا، مثل تمويل فواتير الاستهلاك والطبابة والتعليم بموجب مستندات تؤكد الحاجة إلى هذه المصاريف، في فترة انتقالية بانتظار الحل النهائي".
وأشار فحيلي إلى وجود مصارف نجحت خلال السنوات الماضية في إعادة تكوين سيولتها عبر احتجاز سيولة المودعين وتأسيس سيولة خارجية بطلب من مصرف لبنان، مستفيدةً من فوائد عالية لم تدفع مثلها على ودائع اللبنانيين.
كما أعرب عن أسفه لسماح السلطة التنفيذية لجمعية المصارف ومؤسسة ضمان الودائع باقتراح أسماء للتعيينات في لجنة الرقابة على المصارف. وأكد أنه يجب تعديل القوانين لمنع جمعية المصارف من اقتراح هذه الأسماء، معتبرًا أن الاعتراف بأن المصارف هي "الجلاد وليس الضحية" هو الخطوة الأولى لإعادة الثقة.
وعن دور جمعية المصارف في مواجهة الأزمة، أوضح فحيلي أن الجمعية ليست لديها صلاحيات تنفيذية أو إجرائية، مشددًا على ضرورة تصنيف المصارف على أسس موضوعية بعيدًا عن الطائفية والمحاصصة السياسية.
ورأى فحيلي أن "السياسات النقدية الخاطئة والسياسات الحكومية المتراكمة أوصلت لبنان إلى حالة التعسر غير المنظم وتصنيفه كدولة متعثرة. هذه السياسات سمحت بتمويل عجز الحكومات المتعاقبة لسنوات طويلة، متجاهلةً تحذيرات داخلية وخارجية".
وفي ختام حديثه، أكد فحيلي أن الحل يكمن في إطلاق عجلة التواصل الإيجابي بين كل مصرف وزبائنه على حدة، لافتًا إلى أن تأسيس جمعية مصارف جديدة بروحية ومبادئ مختلفة قد يكون خطوة نحو إعادة الانتظام إلى القطاع المصرفي.