شارك المحامي زياد الخازن، ممثلاً النائب طوني فرنجيه، في اللقاء التضامني الذي دعا إليه "اللقاء الأرثوذكسي" مع ضحايا مجزرة كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في دمشق، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والروحية والحقوقية.
وألقى الخازن كلمة باسم النائب فرنجيه عبّر فيها عن وجع المشرق وكرامة الإيمان المستهدف، مؤكداً أن "الجريمة ليست استهدافاً لمكوّن ديني بعينه، بل هي طعنة في صميم المشرق وتاريخه وتعدديته". ودعا إلى "التمسّك بالدولة والعدالة والعيش المشترك، في مواجهة محاولات الترويع والإلغاء".
وقال في كلمته: "الأحد الفائت، في كنيسة مار إلياس بدمشق، لم تقرع الأجراس كما جرت العادة، بل خفت صوتها تحت الركام، ولم تصعد التراتيل إلى السماء، بل انطفأت مختنقة برائحة الدم والرماد. في ذلك المكان، حيث يركع المؤمنون لله بخشوع، جاء من أرادهم أن يركعوا للموت. وحيث يولد الرجاء من شعلة شمعة، امتدت يد الظلام لتطفئ النور بانفجار أعمى".
وأضاف، "هذه الجريمة ليست ضد المسيحيين فقط، بل هي ضد المشرق كله، روحه وتاريخه وحضارته التي قامت على التنوع والتلاقي. هو الإرهاب حين يلبس قناع الدين ليذبح الدين، ويقيم باسم الإيمان مذابح ضد الإيمان".
وتابع، "نحن لسنا أقليات في أوطاننا، لأننا لسنا زائدين عن حاجة التاريخ. نحن الذين أشعلنا قناديل الصلاة ولا ننتظر من ينير لنا الطريق. لا نطلب حماية من أحد، بل نطالب بدولة تحفظ الكرامة، تحرس التنوع، وتقيم ميزان العدالة لا ميزان العدد".
وأوضح الخازن، "تفجير كنيسة مار إلياس لم يكن عملاً إرهابياً عابراً، بل رسالة مغلفة بالدم تريد طمس إنجيل المشرق وقطع أرزه من الجذور. هو نفي للحق، وجحد للهوية، وعدوان على الحياة المشتركة. رسالة تقول: لا مجال للعيش معاً، وردنا عليها يجب أن يكون: بل لا مجال للعيش إلا معاً|.
وقال: "نرفض أن يصبح الدم لغة السياسة، ونرفض أن يصبح الإرهاب سياسة دولة أو وسيلة ضغط أو أداة صراع. نؤمن أن لا خلاص إلا بدولة القانون، لا بدولة السلاح. لا بديل عن العدالة، لا خلاص بالانتقام".
واستكمل الخازن، "نحن، إلى إخوتنا في الكنيسة الأرثوذكسية، لسنا معكم فقط في الألم، بل نحن أنتم. نحن جسد واحد في هذه الأرض، فإذا نزف طرف، شعر به الجسد كله. دماؤكم ليست سلعة تفاوض، ولا صمتكم إذعان".
وأضاف، "ندعو من تبقى فيه ذرّة ضمير في سوريا ولبنان والشرق كله أن لا يصمت، لأن الصمت شراكة، والحياد تواطؤ، والهروب جريمة".
وأشار إلى أن "المسيحيون ليسوا هامشاً في كتاب المشرق، بل هم فصله الأول. ليسوا زينة للهوية، بل جزء لا يُختصر ولا يُستبدل".
وختم الخازن كلمته قائلاً: "فلنصلِّ، نعم، ولكن صلاة تعرف كيف تقيم العدل، لا كيف تخدر الألم. وبعد الصلاة، لا بد من الكلام، لا بد من الشهادة، لا بد من التمسك بالحق لا بالمجاملة. لأن من يصمت على جريمة، يصبح بعدها هو الجريمة.
والسلام على من لا يزال يرى في التنوع نعمة، وفي الوطن رسالة، وفي الإنسان قيمة لا مجرّد هوية".
هذا اللقاء يأتي في إطار التضامن مع ضحايا الاعتداء الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في دمشق، والذي خلف آلاماً وحزنًا عميقًا لدى الطائفة المسيحية وكل مكوّنات المجتمع في المشرق، مؤكدين على ضرورة الوحدة والتماسك في وجه العنف والتطرف.