سلطت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية الضوء على تقييمات سياسية وأمنية تشير إلى أن وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل وإيران، برعاية أميركية، لم يُنهِ المعركة بين الطرفين، بل يمثل بداية مرحلة جديدة أكثر تعقيداً وخطورة.
وذكرت الصحيفة نقلاً عن المراسلة السياسية آنا براسكي أن السؤال لم يعد "هل سيستأنف القتال؟" بل "متى وعلى أي جبهة ستكون الجولة القادمة؟"، مشيرة إلى أن إسرائيل لا تزال تعتبر وقف البرنامج النووي الإيراني هدفاً وطنياً أسمى، في مقابل إصرار إيران على مواصلة مشروعها النووي.
وأشارت إلى تصريح رئيس الموساد، ديفيد برنيع، بعد يوم ونصف من سريان وقف إطلاق النار، حيث أكد استمرار المراقبة الدقيقة لجميع المشاريع الإيرانية، ما اعتبره مراقبون إسرائيليون إشارة إلى أن الهدوء الحالي مؤقت.
وأكد التقرير أن وقف النار لم يكن نتيجة تسوية إستراتيجية، بل توازن مؤقت في المصالح، حيث حققت إسرائيل إنجازات تكتيكية عبر تدمير منشآت نووية وقواعد عسكرية إيرانية، بينما تجنبت إيران مواجهة مباشرة مع القوات الأميركية التي استهدفت منشآت في فوردو وأصفهان ونطنز.
وأوضحت الصحيفة أن اتفاق وقف النار الذي تم بوساطة أميركية يفتقر لآليات رقابية واضحة، ولا يتضمن التزامات بحظر البرنامج النووي الإيراني أو برنامج الصواريخ البعيدة المدى، ما يجعل الوضع قابلاً للانفجار في أي لحظة عبر جبهات متعددة كاللبنان واليمن وسوريا.
وحذرت التقديرات الإسرائيلية من نمط جديد للصراع يتمثل في جولات قصيرة ومركزة لكنها مدمّرة تتكرر كل بضعة أشهر، مما يهدد استقرار المنطقة ويستلزم تدخلاً أميركياً متزايداً لمنع التصعيد الشامل.
وعلى الصعيد الأميركي، أشارت الصحيفة إلى أن واشنطن ستظل حاضرة بدافع المصلحة، رغم المواقف المتذبذبة للرئيس دونالد ترامب، الذي أعلن انتهاء الهجمات ثم أكد الاستعداد لشن ضربات جديدة، في حين لا يحظى الدعم العسكري الواسع من الكونغرس بضمان، والمجتمع الأميركي متردد تجاه أي تورط جديد في المنطقة.
كما تناول التقرير احتمال تعمق المواقف الإيرانية الرافضة للاتفاق النووي، ما قد يعرقل أية تسوية دبلوماسية طويلة الأمد. وانتقدت الصحيفة تعامل ترامب مع الأزمة واصفة إياه بعقلية "صناعة الترفيه"، حيث أدار التدخل وكأنه موسم درامي من مسلسل تلفزيوني من مفاجآت وانفجارات ثم إعلان نهاية مؤقتة.
وأشارت إلى استمرار القصف المتبادل بعد إعلان الهدنة رغم الضغوط الأميركية، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان التطور الحالي يمثل نقطة تحول نحو مصالحة إقليمية أو مجرد توقف مؤقت لجولة جديدة من العنف.
كما لفتت إلى أن تفاصيل وقف النار لا تزال غامضة، خصوصاً حجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني، وسط تضارب في التقديرات بين البيت الأبيض الذي أعلن تدمير البرنامج بالكامل، وتقارير استخباراتية أشارت إلى أن الأضرار قد لا تتجاوز تأخيراً لبضعة أشهر.
وتطرقت الصحيفة إلى خطوة ترامب بعد وقف النار، حيث طالب إسرائيل بإلغاء محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وربط ذلك بالتحالف الأميركي-الإسرائيلي، معتبرة أن الرسالة الأوضح هي أن "الدفاع الأميركي عن إسرائيل يتطلب ثمناً سياسياً واضحاً".
واختتمت الصحيفة بالتأكيد على أن الصراع بين إسرائيل وإيران قد ينفجر في أي لحظة ما لم تحسم واشنطن موقفها وتقرر ما إذا كانت ستواصل قيادة المبادرة أو تكتفي بالمراقبة.