في هذا الإطار، يؤكّد المحامي محمد صبلوح، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أنه "منذ أكثر من شهرين وهو يحذّر من وجود مخطط خبيث يُحاك في الخفاء، فلنكن واقعيين، لماذا لا تظهر "داعش" ورفاقها إلا عندما يكون لبنان في أزمة؟ ولماذا تختفي عند إندلاع الحرب مع العدو الإسرائيلي؟ إذا كانت "داعش" فعلاً موجودة، ألم يكن من المنطقي أن تستغل لحظة الضعف في الحرب مؤخرًا؟ فكلما وقع لبنان في أزمة داخلية، أو ثورة شعبية، أو أزمة اقتصادية، أو حتى خلافات سياسية، تظهر فجأة "داعش"، هذه ليست مصادفة، بل نمط متكرّر يُشير بوضوح إلى أن هذه التنظيمات تُستخدم كأدوات استخباراتية تُفعلها جهات أمنية وفقًا لمصالحها، سواء داخلية أو خارجية".
ويقول: "للأسف، إيران، ومعها حزب الله وبعض الأجهزة الأمنية المتحالفة معه، يعيدون اليوم تفعيل ورقة "داعش"، بهدف التخفيف من الضغوط المتزايدة على رئيس الجمهورية في ما يتعلق بملف سلاح حزب الله، وبالتالي، نحن فعلياً أمام حرب من نوع جديد، حرب نفسية وأمنية تُستخدم فيها هذه الفزّاعة".
ويضيف: "من خلال تجربتي في الاجتماعات الدولية كجلسات مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لاحظت أنه كلما طُلب من الدولة اللبنانية تنفيذ التزاماتها، كان الجواب: نحن في حرب أهلية، نحن نواجه إرهاباً، أو نحن وسط أزمة، هذه الشمّاعة تُستخدم دائماً للتهرّب من الواجبات الوطنية والدولية".
ويشير إلى أن "ما جرى يوم أمس من توقيف خلية في برج البراجنة يؤكد صحة ما كنت أحذّر منه، فقد قيل إنهم سبعة أشخاص مرتبطون بخلية داعشية، وبعد قليل وُجهت إليهم تهمة الارتباط بالموساد الإسرائيلي، لكن المعروف أن الموساد لا يسمح لعناصره حتى بمعرفة بعضهم البعض، فكيف جُمِع هؤلاء السبعة معاً؟".
ويشدّد على أن "هذا التخبط الأمني يؤكد أن ما نشهده ليس سوى محاولة فاشلة لتضليل الرأي العام، لبنان لم يعد يحتمل المزيد من الفبركات والتضخيمات. كفى تضليلاً، ولنُعطِ الأمور حجمها الحقيقي".
ويتابع: "هنا السؤال الأهم: أين دور رئيس الجمهورية؟ وأين رئيس الحكومة، الذي من واجبه أن يتحرك ويتحمّل مسؤولياته في مثل هذا الملف؟ لقد سئم اللبنانيون من استخدام "شماعة داعش" لتصفية الحسابات السياسية أو تنفيذ أجندات داخلية وخارجية، حان الوقت لمصارحة الناس بالحقيقة واحترام عقولهم".
ويلفت إلى أن "أميركا أمهلت رئيس الجمهورية في مسألة نزع السلاح إلى شهر تموز، تزامنًا مع ازدياد الضغط السعودي على الدولة اللبنانية نتيجة عدم التزامها بالتعهدات التي قُدِّمت سابقًا، وبدلاً من مواجهة هذا الواقع، يتم تحريف الأنظار عبر روايات وأعذار لتُقنع بعض الجهات أن "لبنان مشغول" ولا يملك القدرة على الالتزام، وهذا ما يُستخدم كذريعة للهروب من الحقيقة".
وعن الحديث عن "إرهاب السنة"، يقول: "اليوم، للأسف، لم تعد هناك مرجعية داخل القيادة السنية، التي باتت مشتتة، ولا أحد يتحدث باسمها بجدية، ومن هنا، يتم اللجوء إلى أسلوب مكشوف عبر تفعيل "شمّاعة داعش" مجددًا، مستغلين غياب المرجعية القادرة على المحاسبة".
ويلفت إلى أنه "في ظل هذا الواقع، تُستغل فبركات كهذه لتأمين الحماية الذاتية لبعض الجهات، عبر الإيحاء للمجتمع الدولي بأننا "منشغلون في مواجهة الإرهاب"، هذه المسرحية رأيناها تتكرر أكثر من مرة، فـ"داعش"' انتهت فعليًا في العراق، وشبه انتهت في سوريا، وكُشف لاحقًا في غرف السلطات الروسية رايات وأعلام "داعش"،يعني هذا ما يثبت دليلاً أن "داعش" كانت أداة بيد أنظمة تُستخدم وتُفعّل عند الحاجة، ثم يتم التخلّي عنها مؤقتًا إلى حين الحاجة من جديد، كما أن هناك اتفاقية وُقعت بين سوريا والصين، كشفت عن بنود تتعلق بالتعامل مع ملف "داعش"، ومنها بند واضح ينص على "إطلاق سبيل عناصر داعش لإشعال المنطقة"، وهذا البند موثّق ومختوم من قبل السلطات السورية والصينية".
ويرى صبلوح، أنه "اليوم، للأسف، لا يزال لبنان يعتمد نفس الأسلوب، أسلوب نظام الأسد، ولن يتغيّر شيء فعلي في لبنان ما لم يتم تغيير هذه الذهنية من جذورها، عبر تغيير الوجوه الأمنية التي ما زالت تحكم بعقلية الماضي، اللبنانيون تعبوا، ولا أساليب قديمة تخيف الناس بعد اليوم، آن الأوان للشفافية والمصارحة بدلًا من تكرار نفس المسرحيات".