أكّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، العلامة الشيخ علي الخطيب، خلال كلمة ألقاها في المجلس العاشورائي في حسينية بلدة الوردانية، أنّ إحياء ذكرى عاشوراء ليس استدعاءً للماضي لإثارة الانقسام، بل لاستلهام ثورة الإمام الحسين كقائد مبدئي قام دفاعًا عن المجتمع ووحدته في وجه سلطةٍ حرفت الأمة عن دورها.
وأوضح الخطيب أن الإمام الحسين نهض من أجل الإصلاح، لا لتحقيق مكاسب شخصية أو فئوية، وأن المواجهة لم تكن مع الأمة، بل مع السلطة التي عطّلت وظيفة الأمة الإلهية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأضاف أن ذكرى كربلاء تُستعاد سنويًا كمنبرٍ للحفاظ على وحدة المجتمع ومواجهة الفساد، ورفض استغلال السلطة للدين والمذاهب بهدف ترسيخ مصالحها، مؤكدًا أن الصراع الدائم بين الأمة والسلطة يتمثل في محاولة السلطة استخدام الناس لمصالحها، بينما يتحمل المصلحون مسؤولية الحفاظ على جوهر الرسالة.
وتابع: "الأمة لم تعادِ أهل بيت النبي، ولم تقاتل الإمام الحسين، بل كانت تعرف مظلوميته وخذلته عن ضعف. وبالتالي، استحضار عاشوراء ليس موجّهًا ضد أي طائفة أو مذهب، بل لتأكيد وحدة الأمة ومواجهة الطائفية السياسية التي تهدد الاجتماع السياسي الوطني".
وانتقد الخطيب استخدام بعض القوى السياسية للدين والمذهبية، معتبرًا أن الطائفية السياسية تدمّر المجتمع وتخدم العدو الإسرائيلي، الذي يستغل الانقسام الداخلي لتقويض لبنان. وقال: "لبنان لا يُبنى بالتناحر المذهبي، بل بالتكافل والعدل واحترام التنوّع".
وأكّد أن حمل المقاومة للسلاح لم يكن خيارًا، بل ضرورة فرضها غياب الدولة عن واجبها في حماية المواطنين والحدود، خصوصًا في مواجهة العدو الإسرائيلي الذي لا يتورع عن الاعتداء ويملك أطماعًا تتجاوز الجنوب إلى كل لبنان.
وأضاف أن الجيش اللبناني مؤسسة وطنية مشهود لها، لكنها محرومة من الإمكانيات، وأن السلاح ليس غاية، بل وسيلة لحفظ الكرامة، ولا يمكن التخلي عنه دون ضمانات حقيقية لدور الدولة في حماية لبنان كلّه.
ودعا الخطيب القوى السياسية إلى وعي خطورة الإصرار على نزع سلاح المقاومة، معتبرًا أن هذا الطرح هو نزعٌ لروح لبنان، ولا يمكن أن يُناقش إلا بالحوار الوطني كما دعا رئيس الجمهورية، مؤكّدًا أن من يتمسّك بالحق – من أي طائفة كان – فهو في خط الإمام الحسين.
وختم بالقول: "المقاومة أنجزت تحرير الجنوب عام 2000 وصمود 2006، وتحملت التضحيات، لكنها أثبتت أنها درع الوطن. وكل من يراهن على إضعافها، يراهن على إضعاف لبنان نفسه".