وعدٌ نُفّذ... وارتياح طلابي
الوزيرة كرامي، التي سبق أن وعدت بتقديم امتحانات تراعي الظروف الاستثنائية، أوفت بوعدها حتى الآن. فبحسب أجواء اليومين الأول والثاني، بدت طبيعة المسابقات متوازنة، راعت واقع الطلاب، فكانت مبسطة من دون أن تفرّط بالمستوى الأكاديمي. اختبارات تتطلب جهداً ومثابرة، لكنها لا تظلم من اجتهد.
وفي اليوم الثاني، أكد المشهد الجنوبي استمرار هذا النهج. خرج الطلاب إلى الإعلام، عبّروا بصراحة عن ألمهم وظروفهم، لكنهم في المقابل أبدوا ارتياحاً نسبياً، معتبرين أن ما قُدّم حتى الساعة يحاكي واقعهم ويمنحهم فرصة للنجاح رغم كل التحديات.
بين المبسّط والمألوف
في التفاصيل، جاءت مادة الفلسفة لفرع الاجتماع والاقتصاد في صالح الطلاب، إذ تناولت محورين شائعين ومحبّبين هما: "الوعي واللاوعي" و"الميول"، ما سهّل الإجابة للطلاب الذين عادةً ما يركّزون على هذا الجزء من المنهج.
أما امتحان اللغة العربية لفرعي العلوم العامة وعلوم الحياة، فاعتُبر مألوفاً وسلساً، يمكن للطالب التعامل معه بثقة.
مادة الرياضيات لفرع علوم الحياة وُصفت بأنها "في المتناول"، مع بعض الأسئلة التي تطلبت تركيزاً إضافياً، لكنها بقيت ضمن مستوى الطالب المجتهد.
وفي مفاجأة إيجابية، وُصفت مادة التاريخ لفرع العلوم العامة بأنها "رائعة ومبسّطة"، ما يعزّز فرص الطلاب بالحصول على علامات عالية.
أما اللغة العربية لفرع الاقتصاد والاجتماع، فحافظت على بساطتها وخلوّها من التعقيد، ملائمة للطالب العادي والمثابر على حد سواء.
شهادة... تعني الحياة
في لبنان، الامتحانات الرسمية لم تكن يوماً مجرّد استحقاق تربوي، بل تحوّلت إلى محطة وطنية، لا سيما في المناطق التي تعيش الاعتداءات أو التهميش. في الجنوب، الشهادة الرسمية ليست فقط بوابة إلى الجامعة، بل فعل تحدٍّ، وإثبات للحق في التعلّم بمواجهة محاولات قمع الحياة.
وإذا كانت الدولة معنية بضمان فرص متساوية لجميع الطلاب، فإن المقاربة التي اعتُمدت في الجنوب، مراعاةً لظروف الحرب، تُعد خطوة في الاتجاه الصحيح. فالمطلوب ليس تسهيلات تفرّغ الشهادة من قيمتها، بل عدالة تربوية تأخذ بعين الاعتبار التفاوت في الأوضاع الميدانية بين المناطق. وهذا ما يبدو أن وزارة التربية تحاول تحقيقه.
الامتحانات مستمرة، وكذلك الوجع. لكن ما يقدّمه طلاب الجنوب من صبر وإرادة، يكرّس مجدداً أن لبنان، رغم كل شيء، لا يزال يراهن على شبابه... وأن المعرفة وحدها، قادرة على مواجهة القذيفة.