تواصلت ردود الفعل السلبية، داخل إسرائيل وخارجها، حيال خطة مثيرة للجدل تهدف إلى إنشاء "منطقة إنسانية" على أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لتسكين ما لا يقل عن 600 ألف فلسطيني، ضمن مشروع أعدّه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ويُنظر إليه باعتباره محاولة لإعادة هندسة ديموغرافية للقطاع.
ووفقًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن المشروع، الذي يُعرف إعلاميًا باسم "المدينة الإنسانية"، قوبل بتشبيهات صادمة، أبرزها من رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، الذي شبّه الخطة بمخيمات الاعتقال النازية إبان الحرب العالمية الثانية.
وفي سياق موازٍ، أفادت القناة 12 الإسرائيلية أن قادة الجيش الإسرائيلي يعتزمون تحذير مجلس الوزراء، خلال اجتماع دعا إليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مساء امس الأحد، من مخاطر تنفيذ المشروع، مشيرين إلى أن إنشاء المدينة قد يستغرق ما بين 3 إلى 5 أشهر من لحظة الشروع في البناء، ما قد يعقّد مفاوضات إطلاق سراح الأسرى الجارية في العاصمة القطرية الدوحة.
وبحسب المصادر، فإن الجيش سيؤكد التزامه بتنفيذ أوامر الحكومة، لكنه في الوقت نفسه سيعرض جملة من التحفظات، أبرزها ما يتعلق بمدى قانونية الخطة من منظور القانون الدولي الإنساني، إضافة إلى تداعياتها على الاستقرار الأمني في غزة والمنطقة عمومًا.
وبحسب الخطة المقترحة، ستُشيَّد "المدينة الإنسانية" على أنقاض رفح المدمّرة، لتبدأ باستيعاب 600 ألف نازح فلسطيني يقيمون حالياً في منطقة المواصي الساحلية، على أن تتوسع لاحقًا لتضم جميع المدنيين في قطاع غزة، البالغ عددهم أكثر من 2.2 مليون نسمة.
وتقترح الخطة إخضاع السكان لفحوص أمنية صارمة قبل دخول المنطقة، ومنعهم من مغادرتها لاحقًا، في حين تتولى منظمات دولية تقديم المساعدات الإنسانية تحت إشراف وتأمين الجيش الإسرائيلي. ويدعو كاتس في خطته إلى تشجيع ما وصفه بـ"الهجرة الطوعية" من قطاع غزة نحو الخارج.
هذه الإجراءات أثارت قلقاً واسعاً في أوساط المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، لا سيما في ظل المفاوضات الحساسة التي تُجرى حاليًا بوساطة قطرية ومصرية للتوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد، يتضمن إطلاق سراح الأسرى وعودة تدريجية للنازحين إلى مناطقهم، وهو ما تخشاه إسرائيل.
ويحذّر مراقبون من أن المضي قدمًا في هذه الخطة قد يُفسَّر من جانب حركة حماس كإعلان غير مباشر لاستئناف الحرب بعد انتهاء الهدنة المقترحة لـ60 يومًا، ما يهدد بفشل المفاوضات برمتها، خصوصًا في ظل اشتراط الحركة وقفاً نهائياً للحرب قبل الدخول في أي ترتيبات انتقالية.
وتأتي هذه الخطة بعد شهور من العمليات العسكرية الإسرائيلية العنيفة في رفح، التي خلّفت دمارًا واسعًا ودفعت مئات الآلاف من الفلسطينيين للنزوح نحو مناطق أشد فقرًا وأقل أمانًا، في ظل تدهور كارثي للوضع الإنساني.