كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، استنادًا إلى شهادات مدنية ومواد موثّقة، عن ارتكاب انتهاكات واسعة وصادمة في محافظة السويداء، خلال الأيام الأخيرة، من قبل قوات تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية السورية، إضافة إلى مجموعات مسلّحة من الطائفة الدرزية والعشائر البدوية، في تصعيد دموي غير مسبوق جنوب سوريا.
ووفق حصيلة جديدة أعلنها المرصد الأحد، ارتفع عدد القتلى إلى 1120، منذ اندلاع الاشتباكات في 13 تموز. وشملت الحصيلة 427 مقاتلاً و298 مدنياً من أبناء الطائفة الدرزية، بينهم 194 أُعدموا ميدانيًا برصاص عناصر من الوزارتين. في المقابل، قُتل 354 من عناصر وزارة الدفاع والأمن العام، و21 من أبناء العشائر، بينهم ثلاثة مدنيين "أُعدموا ميدانيًا على يد مسلّحين دروز".
كما أشار المرصد إلى أن الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع في المحافظة خلال التصعيد، أدّت إلى مقتل 15 عنصراً من القوات الحكومية.
أكّد المرصد أن قوات حكومية ارتكبت انتهاكات جسيمة في مدينة السويداء وريفها، من بينها إعدامات ميدانية وقصف مستشفيات. وأظهرت مقاطع مصورة جثثًا متحلّلة في ساحة المشفى الوطني، بينها جثة امرأة، في ظل تعذّر دفن الضحايا بسبب تواصل الاشتباكات وتعطّل الخدمات الأساسية.
وتعرّض المشفى الوطني لقصف عنيف بالقذائف الثقيلة، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة وتوقف برادات حفظ الجثث، وتكدّسها في العراء.
كما وثّق المرصد جريمة إحراق شخص مقيّد اليدين على كرسي، إلى جانب عمليات حرق واسعة طالت منازل وممتلكات مدنية، وسط دعوات محلية ودولية لإعلان السويداء منطقة منكوبة.
وأفادت شهادات متقاطعة بترديد المهاجمين عبارات طائفية تحريضية أثناء اقتحام الأحياء السكنية، وتوعّدهم بـ"الذبح وسفك الدماء"، ما عزز المخاوف من تغذية خطاب الكراهية والانزلاق نحو عنف طائفي منظم.
في موازاة ذلك، رصد المرصد جرائم مروعة ارتكبتها مجموعات مسلّحة من العشائر البدوية ومقاتلين من الطائفة الدرزية، تمثلت في إعدامات ميدانية، تمثيل بالجثث، وقطع رؤوس.
ومن أبرز الأدلة المصوّرة، مقطع يظهر رأسًا مفصولًا عن الجسد يعود لأحد أبناء ريف حلب الشمالي، عُثر عليه في السويداء، بعد سيطرة مسلّحي العشائر على مواقع كانت بيد المسلحين الدروز. كما وثّق فيديو آخر لحظة ذبح مدني درزي على يد عنصر عشائري، إضافة إلى تسجيل ثالث يظهر أسرى دروز يتعرضون للتهديد بالذبح والثأر.
وفي جريمة صادمة أخرى، وثّق المرصد إعدام ثلاثة شبان من عائلة "عرنوس" داخل شقة في الطابق الرابع من مبنى بمنطقة الشرطة العسكرية في المدينة. وأظهر فيديو المسلّحين وهم يقتادون الضحايا تحت الإهانة إلى الشرفة، ثم يُجبرونهم على إلقاء أنفسهم، قبل إطلاق النار عليهم. وقد أفيد أن الضحايا هم مهندس واثنان من الأطباء، ما أثار موجة استنكار وغضب واسع في السويداء وسط حالة من الانفلات الأمني الكامل.
الحصيلة التفصيلية للضحايا (بحسب المرصد حتى الآن):
440 من أبناء محافظة السويداء، بينهم 104 مدنيين (بينهم 6 أطفال و16 سيدة)
361 من عناصر وزارتي الدفاع والأمن العام، بينهم 18 من أبناء العشائر ومسلّح لبناني
15 عنصراً من وزارتي الدفاع والداخلية، قُتلوا بغارات إسرائيلية
3 أشخاص (سيدة واثنان مجهولو الهوية) قُتلوا بقصف مبنى وزارة الدفاع
194 شخصاً (بينهم 28 امرأة، 8 أطفال، ورجل مسن) أُعدموا ميدانيًا على يد القوات الحكومية
3 من أبناء العشائر (بينهم سيدة وطفل) أُعدموا على يد مسلّحين دروز
إعلامي واحد قُتل خلال الاشتباكات
ختامًا، دعا المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة تحقيق أممية مستقلة لتقصي الحقائق بشأن الانتهاكات المرتكبة، ومحاسبة المسؤولين عنها، محذرًا من تداعيات استمرار العنف الطائفي والفوضى الأمنية على مستقبل السويداء والمنطقة بأكملها.