"ليبانون ديبايت"
رأى الكاتب والمحلل السياسي وجدي العريضي، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن "زيارة الموفد الأميركي توماس باراك إلى لبنان يكتنفها الكثير من الغموض، وتشبه إلى حد بعيد تلك الزيارة الأخيرة التي سبقتها والتي قام بها آنذاك الموفد الأميركي آموس هوكشتين، إذ بعد مغادرة لبنان اندلعت الحرب، وكان العدوان الإسرائيلي الأبرز في تاريخ الحروب التي مرت على البلد.
ولكن وفق المعلومات والمعطيات التي يملكها العريضي، هناك استبعاد كلي لأي عدوان مماثل، وإن لم تكن زيارة باراك ناجحة. لكن حزب الله يحاول المناورة السياسية، ودائمًا هذا حق في التفاوض لأي طرف أو حزب أو ميليشيا، بمعنى أنه يريد أن يقول لبيئته الحاضنة إنه انتزع حقه من خلال إعادة الإعمار ورفع العقوبات عنه، ومن ثم عدم تصنيفه إرهابيًا، وسواها من المطالب التي كانت في حوزة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأفضى بها أمام الموفد الأميركي.
وأضاف: "لكن السلاح سيسلّم لأن الحزب يدرك سلفًا أنه لا مناص من ذلك، والقرار المتخذ بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو أنه في حال لم يسلّم السلاح، هناك غطاء من واشنطن من أجل أن تجتاح إسرائيل الجنوب وتقضي على ما تبقى من البنية العسكرية لحزب الله، في ظل التحولات الأخيرة بعد الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، وسقوط النظام السوري، وكل ما يحصل في المنطقة".
وعلى هذه الخلفية، قال: "إن لقاء عين التينة، أو 'الكنافة بالجبن'، كان إيجابيًا، وخلال الأيام القليلة المقبلة تتبلور الصورة ويُبنى على الشيء مقتضاه. إنما كل الاحتمالات واردة".
وفي سياق متصل، أشار العريضي إلى أن "الحكومة ستجري الانتخابات النيابية، وقد سمعتها من الرئيس نواف سلام، مهما كانت الظروف والأجواء، كحال الانتخابات البلدية. وثمة خطوات إصلاحية انطلقت، لأن الجميع، وتحديدًا الخليج، يطالب بإطلاق الورقة الإصلاحية، على صعد البُنى المالية والإدارية والمؤسساتية ومكافحة الفساد".
وتابع: "هناك خطوات كبيرة تُجرى على هذا الصعيد، إذ يجب أن لا تكون هناك استنسابية في ملاحقة الفاسدين والمرتكبين والمرتَشين، لأي حزب أو تنظيم أو تيار أو قوة سياسية، ومهما كان حجمهم. وحسنًا فعل النائب فريد البستاني، الذي يُسجّل له هذا الدور الذي يضطلع به من أجل ملاحقة الفاسدين، بعيدًا عن أي اعتبارات وخصوصيات".
ولفت إلى أن "الحكومة بدأت بخطوات كبيرة من خلال الدور الذي يقوم به وزير الأشغال والنقل فايز الرسامني، ومن خلال هذا الدور والإصلاحات، وستصدر خطوات قريبة على صعيد المراقبين الجويين، وبات المطار من أبرز المطارات في المنطقة بفعل دور الوزير رسامني والعملية الإصلاحية التي يقوم بها على هذا الصعيد".
أما على صعيد حرب السويداء وما يحصل، فيقول العريضي بصراحة متناهية: "علينا في لبنان أن ننتمي إلى هذا الوطن، إلى الدولة، إلى الجيش، إلى المؤسسات، لا إلى الطوائف ولا إلى الزعامات، وأن نتّعظ من الحروب التي مرّ بها البلد".
واستكمل: "ثمّة مواقف يُبنى عليها في هذا الصدد من قبل البعض الذين لعبوا دورًا وطنيًا كبيرًا لإبعاد شبح الفتنة. فكفانا حروبًا، لا سيما في الجبل، فإسرائيل قصفت الدروز والمسيحيين، وكان لها دور سيئ، وبالتالي الأحزاب وأمراء الطوائف لم يقصروا بكل ما قاموا به. فآن الأوان أن تعيش الناس بأمان وارتياح".
وقال: "المسألة في سوريا إقليمية دولية، صراع درزي - درزي إقليمي. فأين نحن من كل هذه الصراعات؟".
وتابع: "أسجل لبعض نواب السنة دورهم وحضورهم على هذا الصعيد الوطني، أكان النائب اللواء أشرف ريفي، الذي يقوم باتصالات ولقاءات مع القيادات الدرزية، إضافة إلى النائب إيهاب مطر، الذي بدوره يتخذ مواقف وطنية تصب في خانة الدولة ومؤسساتها، والأمر عينه للنائب وليد البعريني. أما نائب بيروت نبيل بدر، فلا يزال، باعتقادي، اليوم الأبرز على الساحة السنية في العاصمة، ومواقفه أيضًا مشرفة، ما يعني أننا لن ندخل في أي صراع درزي – سني كما يصوره البعض، فهذا ليس تاريخنا".
وختم العريضي بالقول: "المرحلة صعبة ومعقدة، وتقتضي التبصّر والرأي السديد بعيدًا عن الإنشائيات والمصالح والزعماء وسواهم. فآن لنا أن نعيش بسلام".