منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، فُرضت سياسة تجويع ممنهجة طالت أكثر من مليوني فلسطيني، لتتحول المجاعة من خطر متوقع إلى واقع قاتل.
الرضيع عبدالكريم صبح، البالغ 5 أشهر، يواجه خطر الموت في خيمة نزوح بعدما عجزت والدته عن تأمين الحليب أو الغذاء، مكتفية بإعطائه الماء تحت وطأة الحصار. والفتى عاطف أبو حاطر (17 عامًا) فارق الحياة متأثرًا بسوء التغذية، بينما تقف الطفلة مريم دوّاس (9 أعوام) بجسد نحيل لا يتجاوز وزنه 10 كيلوغرامات بعد أن كان 25 قبل الحرب.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، توفي حتى مطلع آب 175 شخصًا على الأقل، بينهم أطفال ورضع، نتيجة الجوع وسوء التغذية، وسط توقعات بارتفاع الأعداد في ظل الانهيار الكامل لمنظومة الرعاية الصحية وشحّ المساعدات.
كما ان منظمات دولية، بينها "أونروا"، تؤكد أن القطاع بحاجة إلى 500 شاحنة مساعدات يوميًا، فيما تسمح إسرائيل بدخول أعداد قليلة وغالبًا ما تُمنع أو تُستهدف قوافل الإغاثة.
و لم تكتف إسرائيل بحصار وتجويع الفلسطينيين، بل استهدفتهم أثناء تجمعهم للحصول على الغذاء. مراكز توزيع المساعدات تحولت إلى "مصايد موت"، أبرزها مجزرة معبر زيكيم شمال غزة حيث فتحت القوات الإسرائيلية النار على الحشود، ما أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى.
مشاهد الجنازات والدموع لأمهات فقدن أبناءهن تكرّس صورة مأساة مضاعفة: جوع قاتل ورصاص يترصّد الأحياء. وبين الجوع أو القتل، تقف غزة شاهدة على أحد أبشع أشكال العقاب الجماعي في العصر الحديث، وسط صمت دولي يثير الغضب.

