في 8 آب، يدخل عمر حكومة عهد الرئيس جوزاف عون الأولى، برئاسة الرئيس نواف سلام، شهره السابع، في مسار يعيد إلى الأذهان أكثر من سبعة عقود، منذ أن نال لبنان اعتراف العالم به عام 1943، وصولاً إلى مسعاه اليوم لاستعادة موقعه عبر احتكار السلاح وحصره بالمؤسسات الشرعية. وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي أوضح في حوار مع "نداء الوطن" أنه كان يتمنى لو جاء القرار الأخير في مجلس الوزراء بصيغة "تسليم السلاح" بدلاً من "حصرية السلاح"، مع نص صريح على تسليم السلاح غير الشرعي بما فيه سلاح "حزب الله"، لكن التوافق أتى على تحديد الجهات المسموح لها بحمل السلاح، بدءاً بالقوى المسلحة الشرعية وفي مقدمها الجيش وصولاً إلى الحرس البلدي، ما يعني عملياً أن الحزب خارج هذه اللائحة. وأكد أن القرار كان تاريخياً وحاسماً ونهائياً، رغم محاولة رئيس الحكومة التخفيف من وطأته شكلاً، وكشف أن رئيس الجمهورية طرح إبقاء المهلة مفتوحة، إلا أن الوزراء رفضوا ذلك لأن الأمر كان سيجعل القرار بعيداً من التنفيذ، فتم تحديد نهاية العام الجاري كموعد نهائي، مع تكليف قيادة الجيش وضع خطة للتنفيذ قبل نهاية الشهر الحالي.
رجّي أشاد بأداء الوزراء الشيعة خلال الجلسة، وهم تمارا الزين، ركان ناصر الدين، وفادي مكي، رغم طلبهم تأجيل البت حتى عودة الوزيرين ياسين جابر ومحمد حيدر من السفر، وهو ما لم يُستجب له، معتبراً أن المضي في إقرار القرار كان ضرورياً لتفادي متاهة التأجيل. وكشف عن ضغوط أميركية وفرنسية سبقت إقرار القرار، إضافة إلى تهديدات إسرائيلية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وعدت بتقديم مساعدات للجيش لتنفيذه في كل لبنان.
ورغم اختلاف الرؤى بينه وبين الرئيس عون حول العلاقة مع "حزب الله"، أشار رجّي إلى متانة العلاقة بينهما، موضحاً أنه يرافق الرئيس في زياراته الخارجية، ومنها إلى الجزائر وأيضاً إلى نيويورك الشهر المقبل، حيث يجري تبادل الآراء في ملفات حساسة. وقال إنه يؤمن بحرية الاعتقاد، لكن لا يمكن الخلط بين الأيديولوجيا وأمن الدولة، معتبراً أن مصلحة لبنان قد تفرض خيارات مختلفة عن مقولة إنه "آخر دولة توقّع سلاماً مع إسرائيل".
ينحدر رجّي من عائلة إعلامية، فهو نجل الصحافي إميل رجّي، وعمل في الصحافة قبل انضمامه إلى السلك الدبلوماسي في تسعينات القرن الماضي، وحصل على شهادة في الإعلام والاتصال السياسي من جامعة باريس الثانية. ومنذ توليه منصبه، أنجز التشكيلات الدبلوماسية بسرعة قياسية، ويسعى لمعالجة النقص في الكادر الوظيفي، مشيراً إلى أنه كان يستعد للسفر لمتابعة تمديد مهمة "اليونيفيل"، لكنه اضطر للبقاء لمعالجة ملفات الوزارة. وأوضح أن الولايات المتحدة تعتزم وقف تمويل قوات الطوارئ الدولية، وتسعى لتعديل مهمتها، فيما يعمل لبنان بالتنسيق مع فرنسا وبريطانيا والجزائر على الحفاظ على مهمتها الحالية وضمان تمويلها، لافتاً إلى المفارقة التاريخية في تعامل "اليونيفيل" مع طرفين معادين لها، إسرائيل و"حزب الله"، رغم المنافع الاقتصادية التي وفرتها للجنوب.
رفض رجّي تعليق صورته في الوزارة قبل مغادرته، مؤكداً أن ما قام به في ملف حصر السلاح نابع من قناعة ثابتة بوجوب أن يعود للدولة ما هو للدولة، وأن القرار الذي صدر عن الحكومة يشكل خطوة مفصلية على طريق استعادة سيادتها.