نشرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تقريراً عن واقع الصحافيين الفلسطينيين في غزة، الذين اضطروا منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول 2023 إلى تحويل الخيام إلى غرف عمل وإقامة، بعدما حرموا من أبسط مقومات الحياة اليومية.
ففي شهادته، يقول الصحافي عبد الله مقداد: "لم يخطر ببالي يوماً أن أعيش وأعمل في خيمة محرومًا حتى من الماء والحمام. الخيمة تتحول في الصيف إلى بيت زراعي وفي الشتاء إلى ثلاجة". الصحافيون يتجمعون قرب المستشفيات في القطاع حيث يجدون الكهرباء لتشغيل أجهزتهم، بعد أن قُطعت عن معظم المناطق.
توضح الصحافية حنين حمدونة من "دنيا الوطن" أنّ التمركز قرب المستشفيات يسهّل عملهم ويوفّر لهم صور الإصابات والجنازات، إلى جانب أنّ القانون الدولي يمنح هذه الأماكن حماية نسبية. لكن هذه الحماية تبقى شكلية، إذ لم ينجُ الصحافيون من الاستهداف، حيث وثّقت لجنة حماية الصحافيين مقتل 192 صحافياً وعاملاً في الإعلام منذ بداية الحرب حتى 11 آب 2025، بينهم 184 في غزة، وهو رقم يتجاوز حصيلة ثلاث سنوات عالمياً.
الصحافي عاهد فروانة، أمين سر نقابة الصحافيين الفلسطينيين، شدّد على أنّ الصحافيين يشعرون أنهم مستهدفون بشكل دائم من القوات الإسرائيلية. ومنعت إسرائيل دخول الإعلام الدولي إلى القطاع، ما جعل المؤسسات الأجنبية، ومنها "بي بي سي"، تعتمد كلياً على المراسلين المحليين.
معاناة الصحافيين في غزة تتخطى الخطر الأمني إلى ضغوط الجوع والنزوح وفقدان العائلات. الصحافي المستقل أحمد جلال تحدث عن معاناته في تأمين الغذاء لعائلته وابنه الذي يحتاج إلى عملية جراحية عاجلة لم يستطع تأمينها، مؤكداً أنّ "الصحافي في غزة يصبح جزءاً من الخبر وناقلَه في آن واحد". أما الصحافية غادة الكرد، مراسلة "دير شبيغل" الألمانية والمتعاونة مع "بي بي سي"، فعبّرت عن حالة الصدمة المستمرة التي يعيشها الصحافيون منذ نحو عامين، قائلة: "فقدنا القدرة على التعبير عن مشاعرنا، وربما نستعيدها بعد انتهاء الحرب".
وفي ظل استمرار الحصار والقصف، يبقى صحافيو غزة، بخبرتهم وتجربتهم القاسية، الشريان الوحيد لنقل صورة الحرب إلى العالم، رغم الخوف والجوع وفقدان الأحبة، ورغم تحوّل حياتهم اليومية إلى معركة بقاء داخل خيمة.
الـــمــــزيــــــــــد
