عقد العلّامة السيّد علي فضل الله لقاءً حواريًا في المركز الإسلامي الثقافي بحارة حريك، بمناسبة ذكرى وفاة الرسول محمد، تناول فيه موضوع النقد وآلياته، مؤكداً أنّ الإسلام أراد أن يرسّخ ثقافة النقد والمساءلة كجزء من العدالة التي لا يعلو عليها أحد.
واستهلّ فضل الله اللقاء برواية قصة جرت بين النبي محمد وأحد الأشخاص في أيامه الأخيرة عندما اشتد به المرض، مستخلصًا منها دروسًا أبرزها أنّه "في ميزان هذا الدين لا أحد فوق النقد". وأضاف: "كلّ من يتولّى موقعًا أو مسؤولية، كبيرة كانت أم صغيرة، عليه أن يقدّم حسابه للناس، وأن يتقبّل نقدهم عندما يكشفون له عيوبه، بل أن يشكرهم على ذلك ويدعو لهم بالخير". وأكد أنّ "الدرس الثاني يتمثل في أنّه لا أحد فوق القانون، فالعدالة أساس الرسالة وغايتها، وغيابها سبب لهلاك المجتمعات".
ودعا فضل الله كلّ إنسان إلى "إنهاء ملفاته العالقة قبل مغادرة الدنيا، وإبراء ذمته من دين أو ظلم أو إساءة، ففضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة"، مشدداً على أنّ "الاستعداد لما بعد الموت واجب حتى لا نفاجأ بتبعاته".
وفي معرض إجابته عن أسئلة الحضور، رأى فضل الله أنّ "المواطنة هي صمام أمان لهذا البلد، إذ لا ينبغي أن تشعر أي فئة بالغبن فيه"، داعياً إلى "بناء دولة القانون والعدل على معايير وطنية، بعيداً عن الحسابات الداخلية أو الخارجية". كما شدد على أنّ "وطننا بحاجة إلى روح الإيمان والرحمة والتسامح والعدل لتلامس النفوس كافة، بما يتيح بناء شراكة حقيقية لا تميّز بين مكوّنات الوطن".
وحذّر فضل الله من "الخطاب المستفز والإقصائي الذي يزيد من حال الاحتقان والانقسام"، داعياً إلى "اعتماد لغة الحوار وقبول الرأي الآخر في معالجة القضايا الخلافية".
وتأتي مواقف فضل الله في سياق سجال لبناني متجدد حول دور الخطاب الديني في تعزيز الوحدة الوطنية، خصوصاً مع تصاعد الانقسامات السياسية والطائفية في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة. ويُنظر إلى دعواته كامتداد لخطّ تاريخي تبناه والده المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، الذي اشتهر بدعوته إلى العدالة الاجتماعية والانفتاح بين المكوّنات اللبنانية.
الـــمــــزيــــــــــد
