ويوضح الباحث الإقتصادي الدكتور محمود جباعي في حديث الى "ليبانون ديبايت"، أنه تُطرح اليوم أفكار كرؤية لموضوع الفجوة المالية وكيفية المعالجة، ويعلم الجميع أنه حتى الساعة لم تتبلور رؤية واضحة لكيفية التعاطي مع ملف الفجوة المالية وتحديد المسؤوليات.
ويشير في هذا الإطار إلى ما بدأ به المصرف المركزي من عملية لضبط ميزانياته ليقدّم ميزانية متوازنة بين الموجودات والمطلوبات، يعمل عليها الحاكم مع فريقه للوصول إلى ميزانية تساوي بين المطلوبات والموجودات، وبالطبع ستسبقها رؤية لكيفية الوصول لهذا الأمر.
ويوضح أن لدى المصرف المركزي ممتلكات من ذهب وكاش وعقارات ومن شركات مسؤول عنها تدرّ أموالاً سنوية، مثل الميدل إيست والكازينو وغيرها، واليوم نحن بانتظار الوصول إلى هذه الرؤية قبل الوصول إلى الحديث عن كيفية ردّ أموال المودعين، فالأولوية اليوم لوضع ميزانية المصرف المركزي، ليليها ميزانية كل مصرف على حدة، وهنا يكمن دور لجنة الرقابة على المصارف مع المصرف المركزي لأنه المنظم لعمل المصارف والمسؤول عنها.
كما يشير إلى ضرورة إجراء ملاءة لكل مصرف على حدة لتكون موجوداته تساوي مطلوباته، وما إذا كان لديه موجودات كافية تمكّنه من دفع أموال المودعين.
ويشدّد أن القضية تدور اليوم في هذا الإطار، بمعنى أنه قبل الانتهاء من موضوع الميزانيات للمصرف المركزي والمصارف الأخرى، لن تكون هناك رؤية لكيفية ردّ الأموال عبر أفكار متعددة.
ويُذكّر بما قاله وزير المالية ياسين جابر من أن الـ100 ألف دولار ستُردّ بشكل عملي إلى كل المودعين، سواء كان لديهم مئة ألف وأكثر، فإن رقم الـ100 ألف سيدفع للجميع بشكل عملي وسريع جداً، كما أن من كان لديه أقل من 100 ألف ستُردّ له وديعته بطبيعة الأحوال.
ويكشف أن السرعة هنا يمكن لمسها من عمل الحاكم بالتعاون مع الدولة والمصارف ليكون هذا الأمر بأقصى سرعة ممكنة، بأقل مما كانت تتحدث عنه الخطط الماضية التي لامست فيها المهلة الزمنية الـ10 سنوات، ويُحكى اليوم عن وقت أقل من ذلك بكثير.
ولكنه يُنبه إلى أنه حتى لو أُقرّ دفع المئة ألف، فإن هناك مشكلة سيولة، لذلك تتم دراسة عدة خيارات، وهناك رؤية تتعلق بـBAIL IN في المصارف التي تشمل من لديهم أسهم تفضيلية ومن معهم ودائع كبرى، وتقوم هذه بجعل هؤلاء مستثمرين في القطاع، كما أن الخيار الآخر هو إعطاء المودعين سندات خزينة بفوائد معينة، على أن تُطرح السندات في بورصة بيروت، ويأخذ السند سعراً محدداً في السوق وتكبر قيمته الفعلية مع مرور الزمن حسب التحسن الذي سيطرأ على القطاع المصرفي والاقتصاد اللبناني، لا سيما إذا وُضعت السندات بضمانة الذهب أو موارد المصرف المركزي وبعض الضمانات من الدولة اللبنانية.
ويلفت إلى أن هذه الأخيرة هي الفكرة الرائجة اليوم، ويمكن وضع قسم من الودائع الكبرى بسندات باسم المودع ويتم التداول بها في بورصة بيروت، وبالتالي يكون لديه الخيار إما ببيع هذه السندات أو تركها لتكبير المبلغ المرجو من التداول بها.
ويعتبر أنها فكرة عملية استخدمت في دول كثيرة، كما حصل في أميركا عند وقوع المشكلة المصرفية، وكذلك في قبرص واليونان.
ويكشف أن ردّ الودائع سيكون أمام خيارات متعددة، منها النقد، ومنها العملي، ومنها خطوات أخرى يتم درسها وتحديدها بعد حل مشكلة السيولة.
كما يكشف عن أفكار لتأجير الذهب الذي يمتلكه مصرف لبنان والاستفادة من ارتفاع أسعاره، فكل الخيارات يتم درسها بشكل جدي في الأروقة التي يُعمل عليها بعد أن ينتهي المصرف المركزي من تحديد ميزانياته وتحديد الملاءة لديه، التي يجب أن تكون واضحة، ليجتمع بعدها المصرف والدولة والمصارف للاتفاق على آلية واضحة لكيفية توزيع المسؤوليات، لتنطلق بعدها الخطة كمشروع قانون تحوّله الحكومة إلى المجلس النيابي الذي يُقرّ الخطة بعد مناقشتها في اللجان.
ويخلص الدكتور جباعي إلى أننا أمام خطوات متتالية للوصول إلى هذه الرؤية، وكل ما يُطرح حالياً هو آراء وأفكار توضع على طاولة البحث، للوصول إلى حل شامل للمودعين، فلا يمكن الركون إلى رؤية مجتزأة، بل إلى رؤية متكاملة شاملة لحل الأزمة ككل.