يؤكّد الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، د.خالد الحاج، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن "تصريحات مساعد وزير الخارجية الإيراني لا يمكن قراءتها في إطار التهويل السياسي فحسب، بل تعكس واقعًا ملموسًا شهدناه هذا العام، حين اندلعت مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل استمرت 12 يومًا، هذا يعني أن الحرب لم تعد احتمالًا نظريًا، بل تجربة واقعية قد تتكرر في أي لحظة، وفي الوقت نفسه اللافت أن طهران وحدها ما زالت تتحدث عن المفاوضات، في حين أن واشنطن، منذ ما قبل الضربة الإسرائيلية الأخيرة، توقفت عن التلويح بأي مسار تفاوضي، وهو ما يطرح علامات استفهام حول الأولويات الأميركية، وهل أن الصمت يخفي توجّهًا نحو إسقاط النظام الإيراني لا مجرد احتوائه".
في ضوء ذلك، يشير الحاج إلى أنه "يمكن رسم أربعة مسارات رئيسية:
1-تصعيد محدود ومدروس: ضربات إسرائيلية لمواقع إيرانية مقابل ردود محسوبة بالصواريخ والمسيّرات. هذا السيناريو يخدم طهران ويمنح كل طرف هامش إظهار القوة من دون الانجرار إلى مواجهة شاملة.
2- مواجهة عسكرية مفتوحة في لبنان: سيناريو مطروح بقوة، خصوصًا مع القلق الإسرائيلي من قدرات حزب الله الصاروخية الدقيقة المتبقية، في حال قررت تل أبيب حسم هذا الملف، فستكون الجبهة اللبنانية في صدارة المشهد قبل الانتقال إلى مواجهة مع إيران نفسها.
3- حرب إقليمية شاملة: إذا انتقلت الضربات إلى العمق الإيراني بهدف إسقاط النظام، فمن المرجح أن تتوسع رقعة الحرب لتشمل لبنان والعراق ولو بشكل مشكوك فيه.
4- نافذة تهدئة أو صفقة سياسية: احتمالاتها ضئيلة نظرًا لتعقيدات الملف وتشابك الصراع مع الأزمات الدولية الكبرى".
وماذا عن السيناريوهات المحتملة إذا تحولت هذه التهديدات إلى واقع، وكيف يمكن أن تؤثر على لبنان؟ يعتقد الحاج بأن "لبنان، الحلقة الأكثر هشاشة، ففي حال التصعيد المحدود، سيواصل الجنوب لعب دور ساحة الاستنزاف مع كلفة اقتصادية واجتماعية متصاعدة ونزوح داخلي متنامٍ، أما في حال المواجهة الواسعة، فإن السيناريو سيكون كارثيًا، خصوصًا إذا حاولت إسرائيل التقدم بريًا من جبل الشيخ وما بعده فوق البقاع الأوسط، بما ينذر بتحول الصراع إلى حرب مدن في مناطق تعاني أصلًا هشاشة اجتماعية واقتصادية، من الهرمل إلى بعلبك وصولًا إلى الضاحية الجنوبية".
ويرى أن "الواضح بأن لبنان يقف على خط الإعصار، وأن السيناريو الأكثر حضورًا اليوم هو الانزلاق إلى مواجهة واسعة، في ظل ارتباط سلاح حزب الله بشكل وثيق بإيران وأيديولوجيتها، ومع وضوح أن ما تبقى لطهران من أوراق ضغط استراتيجية هو الحزب نفسه، وهنا تبدو فرص الوصول إلى تسوية تفاوضية ضئيلة، خصوصًا مع مؤشرات التوجّه الأميركي نحو خيار تغيير النظام الإيراني بدل الاكتفاء بضغطه واحتوائه".